عشر أزمات إنسانية يجب مراقبتها هذا العام

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الخميس 13 يناير 2022 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

يعرض مركز The New Humanitarian عشر أزمات إنسانية قد تتفاقم هذا العام وبحاجة ماسة إلى اهتمام العالم بها... نعرض منها ما يلى. 

مخلفات الجائحة من الفقر وعدم المساواة

ليس سرا أن جائحة كورونا كشفت عن تفاوتات هائلة داخل الدول وفيما بينها. زاد الوباء من نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر، وهذا سيصعب على الدول التى تعانى بالفعل من الصراعات والهشاشة والفقر أن تنهض. زادت جائحة كورونا من معدل الفقر بزيادة فى عدد من يعيشون على أقل من 1,90 دولار فى اليوم ــ بنحو 97 مليون شخص، أى ما يعادل 7,8 إلى 9,1 % من سكان العالم. وفى حين نسمع تنبؤات ووعود بتحول هذه الأرقام، إلا أنه من الصعب تخيل كيف يمكن تحقيق أى تقدم فى ظل عدم قدرة العديد من الدول الفقيرة على تلقيح سكانها والخروج من تحت ثقل الديون. قد تتحسن الدول التى وقعت حديثا فى الفقر بمرور الوقت، ولكن المعاناة ستستمر فى الدول التى كانت تعانى بالفعل قبل الوباء. فعلى سبيل المثال، فى نيجيريا، تنبأ الخبراء قبل انتشار الوباء أن الفقر سيصيب 96 مليونا فى عام 2030، اليوم الرقم أصبح 112 مليون نيجيرى، بما يعادل واحد من كل اثنين. يعيش آخرون فى أماكن ينتشر الفقر فيها حديثا، مثل لبنان، حيث بدأ التدهور الاقتصادى قبل ظهور جائحة كورونا، ضاربا اللاجئين السوريين والفلسطينيين أولا. مع الضغوط الإضافية لفيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت عام 2020، انتشر الفقر عبر جميع أنحاء لبنان. التنبؤ السيئ الآخر هو أن النساء سواء فى الدول الفقيرة أو الغنية هن اللائى سيتحملون النسبة الأكبر من المعاناة الاقتصادية. 

انتشار الكراهية فى وسائل التواصل الاجتماعى

نعلم أن انتشار الكراهية فى العالم الافتراضى له عواقب على العالم الحقيقى، من التحريض على إطلاق النار لحوادث الطعن الجماعى إلى انتحار بين المراهقين، كما يمكنها أن تؤدى إلى كوارث إنسانية كما رأينا فى إثيوبيا وميانمار... أكدت فرانسيس هوغن، التى أبلغت عن مخالفات فايسبوك، أن النظام الخوارزمى غير الشفاف لفايسبوك يضخم من الكلام الذى يحض على الكراهية. فى إثيوبيا، على سبيل المثال، زاد عدد المنشورات التى تحرض على العنف، وعلى الرغم من قيام فايسبوك بغلق بعض الحسابات المحرضة على العنف، إلا أن بعض الحسابات ظلت تعمل... نزاهة الانتخابات هى قضية أخرى. فوسائل التواصل الاجتماعى تمنح الحكومات الاستبدادية طرقا جديدة لنشر روايتهم السياسية. على سبيل المثال، هناك مخاوف بشأن خطاب الكراهية المنتشر فى الفترة التى تسبق الاقتراع فى كينيا فى ظل وجود استقطاب مجتمعى حاد... تم طرح تشريع لمعالجة الخوارزميات لتحسين بيئة منصات التواصل الاجتماعى وجعل الشركات مسئولة، ولكن هناك مخاوف بشأن حرية التعبير، ومخاوف من أن المنصات التى تتجنب المخاطرة ستفرض ببساطة الرقابة على كل المحتوى. يمكن أن يعيق ذلك الديمقراطية التى تساعد فى نشرها وسائل التواصل الاجتماعى. 

أفغانستان وهايتى وميانمار: الاضطرابات السياسية والتحديات الإنسانية

أدت الاضطرابات السياسية فى أفغانستان وهايتى وميانمار إلى زيادة الأزمات الإنسانية. شهدت الدول الثلاث تحولات سياسية عنيفة ــ عودة طالبان فى أفغانستان، واغتيال الرئيس جوفينال مويس فى هايتى، والانقلاب العسكرى فى ميانمار ــ لم يؤدِ ذلك إلى تفاقم الأزمات الموجودة فحسب، بل سيجعل الاستجابات أكثر تعقيدا فى عام 2022. تمثل الحالات الثلاث أزمات صارخة؛ من إحجام المانحين عن التعامل مع طالبان وزيادة نسبة الفقر والعنف ضد النساء، إلى الأسئلة حول الحياد الإنسانى وكيفية التعامل مع المجلس العسكرى فى ميانمار، إلى التحدى الجديد المتمثل فى مواجهة عصابات هايتى.

الغرب ضد باقى العالم: حواجز أمام اللاجئين تخلق أزمات حدودية

تعمل العديد من الديمقراطيات الغربية على عرقلة عمليات اللجوء على حدودها، وتنتهك بشكل منهجى حقوق الإنسان، وتزيد من الأزمات الإنسانية وعدم المساواة العالمية. عندما تقيد دولة ما الوصول إلى أراضيها، فإنها تخلق تأثير الدومينو؛ حيث تتردد الدول الأخرى فى استقبال اللاجئين وطالبى اللجوء والمهاجرين لأنهم يعلمون أنه سيكون من الصعب عليهم المغادرة. يزيد هذا من الحمل على الدول الهشة التى لديها قدرات أقل تمكنها من تحمل مسئولية النازحين. كان من المفترض أن تمهد الاتفاقات العالمية للأمم المتحدة بشأن اللاجئين والهجرة، الموقعة فى عام 2018، الطريق لتقاسم منصف للأعباء، وتنشئ مسارات أكثر أمانًا وقانونية للهجرة، وتخلق استجابات أكثر كفاءة للمساعدات. بعد مرور ثلاث سنوات، لم يتم تحقيق أى شىء من تلك الأهداف. 

مجاعات غير مسبوقة

يعانى ما يصل إلى 283 مليون شخص من نقص الغذاء، وهو مستوى غير مسبوق من الجوع. لا يتعلق الأمر فقط بأعداد المحتاجين الكبيرة، ولكن أيضا بشدة الأزمات التى يواجهونها. هناك ما يصل إلى 45 مليون شخص على شفا المجاعة ــ وهو رقم لم نشهده من قبل... تعد بوركينا فاسو وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن من بين الدول الأكثر احتياجًا. الصراعات طويلة المدى وتقلبات الطقس المتطرفة زادا من الأزمة. تحذر وكالات الإغاثة من أن أهداف اتفاقية منع المجاعة لم تتحقق وتم استلام أقل من نصف الأموال اللازمة لدرء المجاعة... هناك حاجة إلى ما يصل إلى 7 مليارات دولار لإطعام 45 مليون شخص معرضين لخطر المجاعة فى 43 دولة. تؤدى الزيادات العالمية فى أسعار الحبوب إلى زيادة تكلفة شراء أغذية الطوارئ فى الأسواق الدولية، فى حين يؤدى ارتفاع أسعار الوقود ونقص الحاويات العالمى إلى ارتفاع فاتورة الخدمات اللوجستية للوصول إلى أولئك المحتاجين.

البنادق المأجورة وتكاليفها الإنسانية

تبحث الحكومات المتعثرة عن مصادر دعم جديدة فى محاولتها محاربة الجماعات المسلحة، من منطقة الساحل فى غرب أفريقيا إلى ساحل موزمبيق وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. لكن الجيوش المتدخلة وقوات المرتزقة كثيرا ما تسىء إلى حقوق الإنسان بطرق تصب فى مصلحة المتطرفين، وتعرقل عمل مجموعات الإغاثة، وتتنافس فيما بينها حول المكاسب الجيوسياسية التى لا تعالج أيا من مسببات الصراع... تنسق مجموعات الإغاثة الإنسانية مع الجهات العسكرية لضمان الوصول الآمن للأشخاص المحتاجين. لكن التنسيق المدنى العسكرى يكون صعبًا عندما يكون هناك العديد من الجهات العسكرية الفاعلة على الأرض، بما فى ذلك مجموعات المرتزقة التى لديها خبرة قليلة فى العمليات الإنسانية. فى منطقة الساحل، تقول مجموعات الإغاثة إن برامجها يتم تقليصها أو تعليقها بشكل متكرر عند بدء العمليات العسكرية، ويصعب التمييز أو يتم الخلط بين الأفراد العاملين فى المجال الإنسانى والعسكرى بسبب الجنود الذين يشاركون فى تقديم المساعدات ليحظون بالقبول المحلى.

 

المخاطر الصحية الخفية لتغير المناخ

أصبحت الأخطار التى تهدد الصحة بسبب ارتفاع درجات الحرارة أكثر وضوحًا، بدءًا من انتشار الأمراض المعدية وتزايد الوفيات المرتبطة بالحرارة، إلى نقص التغذية الناجم عن ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائى... بسبب جائحة كورونا والصراعات وتغير المناخ، ستزداد تكلفة الاستجابة للأزمات العالمية بشكل كبير. حتى أن رئيس المساعدات الإنسانية فى الأمم المتحدة اعترف بأن مبلغ 41 مليار دولار لتمويل الأزمات الإنسانية لن يتم الوصول إليه، ورؤساء وكالات المعونة الرئيسية يحذرون من أن «نطاق وتأثير أزمة المناخ أكبر مما يمكن للمنظمات الإنسانية معالجته». 

إثيوبيا: عقبات لا نهاية لها أمام المساعدات

مع دخول الصراع فى إثيوبيا عامه الثانى، تواجه وكالات الإغاثة عقبات لا نهاية لها فى محاولة الوصول إلى أكثر من تسعة ملايين شخص بحاجة إلى المساعدة. لم يسمح سوى لعدد قليل من الشاحنات التى تحمل إمدادات الإغاثة بالدخول إلى منطقة تيجراى المهددة بالمجاعة، كما قامت حكومة آبى بتعليق وترحيل وإلحاق الضرر بمسئولى الإغاثة والمنظمات التى تحدثت عن الأزمة بشكل علنى. قوبلت المحاولات المختلفة لمعالجة الأزمة بالرفض، فى حرب تؤكد على محدودية النفوذ الدولى فى حل الأزمات الداخلية... المدنيون عانوا فى تلك الحرب؛ اتُهمت القوات الفيدرالية وحلفاؤها بارتكاب مذابح، وانتشار العنف الجنسى، والتطهير العرقى، بينما تورطت قوات تيجراى فى سلسلة من الانتهاكات أيضًا. فى الأسابيع الأخيرة، تحول الصراع مع انسحاب المتمردين إلى منطقتهم، مما يفتح المجال أمام وقف محتمل لإطلاق النار. لكن المصالحة ستكون صعبة بينما يرفض الطرفان الاعتراف بشرعية الطرف الآخر... تمتد مشاكل إثيوبيا إلى ما هو أبعد من تيجراى؛ اندلعت اشتباكات حدودية بين عفر والمنطقة الصومالية فى إثيوبيا، استولى المتمردون المتحالفون مع قوات التيجراى على مساحات شاسعة من منطقة أوروميا، وأودى عنف الميليشيات بحياة مئات الأشخاص فى منطقة بنيشنقول ــ قماز، واشتعل نزاع حدودى مع السودان كان موجودا منذ عقود حول منطقة الفشقة المتنازع عليها. 

أمريكا اللاتينية: تزامن السياسات المضطربة مع تداعيات فيروس كورونا

بينما تحاول أمريكا اللاتينية التعافى من بعض أسوأ الضربات الصحية والاقتصادية فى العالم، يبدو أن التحولات السياسية والاستقطاب سيعقدان من الاستجابة لكل من الأزمات الإنسانية الحالية والناشئة. حتى وقت قريب، أظهرت أمريكا اللاتينية علامات واعدة على انخفاض معدلات الفقر، وزيادة نسبة التعليم، وتحسن فى الصحة. ساء أداء أمريكا اللاتينية فى مواجهة فيروس كورونا، كما دفعت تداعياته الاقتصادية الملايين إلى براثن الفقر. بالإضافة إلى كونها المنطقة الأكثر تفاوتا من الناحية الاقتصادية فى العالم، فإن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى هى ثانى أكثر المناطق عرضة للكوارث. كما أنها لا تزال تتعامل مع نزوح ستة ملايين فنزويلى هاربين من الأزمة المالية والإنسانية فى فنزويلا (من المتوقع أن يرتفع إلى 8,9 مليون بحلول نهاية عام 2022)، ناهيك عن الهجرة الجماعية من أمريكا الوسطى، عبر المكسيك، إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. 

اليمن: كل الأنظار على مأرب

ما يحدث فى مدينة مأرب الغنية بالغاز والمهمة من الناحية الاستراتيجية يمكن أن يحدد مستقبل حرب اليمن المستمرة منذ ما يقرب من سبع سنوات ــ ناهيك عن مستقبل مئات الآلاف من الأشخاص فى خطوط المواجهة. تشير الأمم المتحدة أن هناك أكثر من أربعة ملايين نازح وما يقرب من 21 مليون يمنى بحاجة إلى مساعدة إنسانية. غالبًا لم يتغير شىء فى بلد ينتشر فيه الجوع واتفاقات وقف إطلاق النار والمشاكل الصحية (الكوليرا وفيروس كورونا.. إلخ)، فكل ذلك أصبح جزءا من حياتهم. إلا أن الأوضاع قد تصبح أسوأ مما هى عليه. تتجه الأنظار الآن إلى هجمات الحوثيين على مأرب، وغارات التحالف الجوية الذى تقوده السعودية والإمارات، هذا بالطبع يعرض المدنيين للخطر ويجبر آلاف الأشخاص على النزوح كل يوم... فى حين أن مأرب قد تكون خط المواجهة الذى يجب مراقبته، فإن جنوب اليمن يتعامل مع صراع داخلى على السلطة. وانهيار العملة الذى استمر لأشهر جعل أموال الناس لا قيمة لها، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائى. فى اليمن، لا يعانى الناس من الجوع بسبب نقص الطعام فى المتاجر، بل لأنهم لا يملكون المال لشرائه. 

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلي

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved