حروب الشرق الأوسط تحت عباءة الطائفية

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الخميس 13 مارس 2014 - 5:35 ص بتوقيت القاهرة

كتب فريدريك هرى تقريرا على الموقع الإلكترونى اشيا تايمز، يتحدث فيه عن التوترات الطائفية التى أصبحت جزءا رئيسيا من الحياة السياسية فى دول الخليج العربى، وخاصة فى المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت. ويعانى الشيعة فى كل ولاية من التمييز الدينى والتهميش السياسى بدرجات متفاوتة. وعادة ما يتم تصوير التوترات كأثر لامتداد الصراع الطائفى فى أماكن أخرى فى المنطقة (حرب العراق، ومؤخرا الصراع فى سوريا) أو التحريض الإيرانى المتعمد للمجتمعات المحلية الشيعية فى الخليج. لكن ذلك ما هو إلا جزء بسيط من القصة. حيث إن جذور التوتر بين الشيعة والسنة فى الخليج، هى أكثر تعقيدا وتعتبر فى نهاية المطاف محلية. والموجودة بشكل عميق فى النسيج السياسى للدول الفردية. هذا الأمر حقيقى فى جميع المجالات تقريبا: البيروقراطيات الحكومية والقطاع الأمنى، سوق العمل، المؤسسات الدينية، والنظام القانونى، وتنمية المحافظات.

•••

وأشار الكاتب إلى ارتباط الارتفاع الأخير فى التوتر بفشل الإصلاحات الموعودة فى مطلع الألفية، والتى كنتيجة تركت الشباب الشيعة يشعرون بالمرارة والإحباط العميق. كما يدعى النشطاء الشباب أن جيلهم عرضة للتعبئة الطائفية بسبب إيقاف التعاقد الاجتماعى والحرمان من الحصول على رأس المال الاقتصادى والسياسى. وخلال حرب العراق، كانت أنظمة الخليج ــ لا سيما المملكة العربية السعودية والبحرين ــ تنظر بشكل متزايد لمطالب الشيعة الخاصة بالإصلاح أنها بمثابة تهديد أمنى. وصلت التوترات إلى أوجها بعد عام 2011 الانتفاضات العربية، عندما حاول رجال الدين السنة ووسائل الإعلام الخليجية، تصوير المطالب الأولية للديمقراطية من قبل الشيعة على أنها مستوحاة من إيران. أنشأت هذه الاستراتيجية شقوقا داخل حركة الإصلاح، من خلال تفاقم الهويات بين الشيعة والسنة، كما أبرزت ضمنيا أن الأسر الحاكمة تحكم شعبا يتصف بالانقسام والعند.

كما زادت الحرب فى سوريا من التوترات فى المنطقة. وامتدت «الطائفية» لهذا الصراع ــ سواء بسبب سياسات الاسد أو التدخل الخارجى من قبل الدول العربية وإيران ــ فى جميع أنحاء الخليج. وقد قام رجال الدين (السنة) فى الخليج بالتجريح فى النظام العلوى وحلفائه. ويسود التناقض بين الكثير من الشيعة فى الخليج الآن، حول دعم المعارضة السورية، والتى ينظر إليها بشكل متزايد على أنها مناهضة للشيعة. ولو كانت الحياة السياسية فى الخليج أكثر شمولية وتعددية، لكانت الهويات الطائفية أقل تسييسا وخبثا، ولكان لوسائل الاعلام الاجتماعية والصراعات الإقليمية تأثير أقل فى تعبئة وحشد المواطن الخليجى.

وتطرق هرى إلى سبب التوترات وتأثيرها على التوازن فى العلاقات السياسية بين إيران ودول الخليج. فالصراع بين السعودية (السنة) وإيران (الشيعة) يأتى فى المقام الأول بسبب الاختلاف الجذرى فى أنظمة الحكومتين، ورؤيتهم المختلفة للنظام الإقليمى، كما يدعى كل منهم استناده للشرعية الإسلامية. وتمثل قضية هيمنة الولايات المتحدة فى المنطقة أيضا سببا رئيسيا للصراع، حيث تريد إيران شرق أوسط خاليا من النفوذ العسكرى الأمريكى، فى حين أن المملكة العربية السعودية سبق وطلبت نوعا من الرقابة الخارجية ليكون بمثابة شيك تستخدمه ضد إيران ــ والعراق. وتاريخيا، اختلف الجانبان أيضا حول القضية الفلسطينية، حيث رأى آل سعود أن تورط إيران فى هذه المسألة، يهدد بشكل كبير شرعيته الإقليمية وحتى المحلية. وعلى الرغم من ذلك فإن الجانبين قادران على تهدئة هذه الطائفية، كما حدث فى لبنان بعد حرب عام 2006. ويحدث مرة أخرى الآن فى البحرين، حين خفضت إيران (وحزب الله) فحوى انتقادهما لسياسات السعودية.

أوضح الكاتب أن التوترات الطائفية الحالية فى الخليج لا تدفع إلى تحولات جوهرية فى الخريطة الإقليمية. حيث تاريخيا، كانت الانتماءات الطائفية مجموعة واحدة من الهويات، تعيش جنبا إلى جنب مع الانتماءات الأخرى: قومية، إثنية أو قبلية. وبالنسبة لمعظم الشيعة فى الخليج، لا تزال الدولة القومية القائمة، إطارا يتم من خلاله إجراء نشاطهم. ثم اثار الكاتب سؤالا: «بما أن إيران قد أعلنت أن الانتفاضات العربية هى استمرار لثورتها عام 1979، فما هو التأثير الحقيقى لإيران على الشيعة فى الخليج؟ قامت إيران بعدة محاولات فى عام 1990 لتصدير ثورتها إلى الخليج، كما نأى النشطاء الخليج الشيعية بأنفسهم من أى انتماء مع الحكومة الإيرانية، حتى مع الحفاظ على الروابط الدينية لرجال الدين الإيرانيين. اليوم، النخب الخليجية الشيعة، الذين يتبنون مبدأ الجمهورية الإسلامية من (الحكومة الإسلامية)، ويعتبرون المرشد الأعلى خامنئى مرجعهم (مرجع رجال الدين) لا تتمتع بتأييد واسع.

واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن الثورة الإيرانية لا تزال للعديد من قادة دول الخليج، المنظار الذى يعرض من خلاله النشاط الشيعى المحلى. وإن تصوير المتظاهرين الشيعة على أنهم مدعومون من إيران، من شأنه أن ينزع الشرعية عنهم ويقوض إمكانية التعاون الطائفى بين الشيعة والسنة، الليبراليين والإصلاحيين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved