رعد فلسطين

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 13 أبريل 2022 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

قبل يوم واحد من ذكرى مذبحة بحر البقر التى نفذتها الطائرات الإسرائيلية فى 8 أبريل 1970 جاءت العملية الفدائية التى نفذها الفدائى الفلسطينى رعد حازم فتحى فى شارع دينجوف الأشهر بمدينة تل أبيب الإسرائيلية وأسفرت عن مقتل 3 إسرائيليين على الأقل وإصابة أكثر من 14 آخرين.

العملية كان لها من اسم صاحبها نصيب كبير، فقد كانت بمثابة صاعقة رعدية تصم آذان بعض المسئولين العرب الذى يحتشدون داخل قطار التطبيع مع الدولة الصهيونية العنصرية التى تحتل أراضى 3 دول عربية وتحرم الشعب العربى الفلسطينى من أقل حقوقه.

للأسف، سارعت «عواصم التطبيع» العربى إلى إدانة العملية الفدائية الفلسطينية دون حتى الإشارة التى كانت تقليدية فى وقت من الأوقات إلى أنها نتيجة لاستمرار الاحتلال، حتى أصبحت الشعوب العربية الآن تترحم على أيام «التنديد الوسطى الجميل» عندما كانت الحكومات العربية تكتفى بإدانة الممارسات الإسرائيلية، كما تدين العمليات الفدائية الفلسطينية، مع الحرص على الإشارة إلى أن إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام هو السبيل الوحيد لوقف هذه العمليات الفدائية الفلسطينية.

وبشهادة جهاز الأمن الإسرائيلى «الشاباك» فإن رعد لم يكن إلا مواطنا فلسطينيا عاديا جدا «لم يكن لديه أى انتماء تنظيمى واضح ولا خلفية أمنية ولم يكن على ذمة أى اعتقالات سابقة» لكنه بالتأكيد أدرك أن تخلى الحكومات العربية عن القضية الفلسطينية، وارتماءها فى أحضان إسرائيل المحتلة المعتدية، يعنى ببساطة أن القضية الفلسطينية ستواجه خطر الزوال إذا لم يدافع عنها الشعب الفلسطينى بأرواح ودماء أبنائه، بعيدا عن حسابات المسئولين والاستسلام لحديث التفوق الإسرائيلى العسكرى والتقنى.

أثبت الشاب الفلسطينى رعد، الذى لا يتنمى إلى فصائل فلسطينية، وربما لم يتلقَ تدريبا عسكريا، استمرار قدرة الشعب الأعزل على تحدى الآلة العسكرية الإسرائيلية بعد نجاحه فى اختراق منظومتها الأمنية والوصول إلى قلب تل أبيب وإطلاق النار ثم الهروب من المكان والوصول إلى مدينة يافا، قبل أن يستشهد فى مواجهة جديدة مع القوات الإسرائيلية.

وفى حين سارعت تلك العواصم العربية إلى إدانة العملية الفدائية، نراها تبلع ألسنتها أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلية المتواصلة فى الضفة الغربية طوال الأيام الماضية مما أسفر عن استشهاد أكثر من 6 فلسطينيين وإصابة العشرات، أى ضعف قتلى وجرحى عملية تل أبيب، وكأن دماء المحتلين الإسرائيليين أصبحت عند حكوماتنا أهم وأغلى من دماء الفلسطينيين. كما تلتزم تلك العواصم الصمت على جرائم العقاب الجماعى التى تنفذها إسرائيل ضد قرى وعائلات منفذى العمليات الفدائية فتداهم تلك القرى أو المدن وتفجر منزل عائلاتهم الذين ربما لا يكون لديهم أى علم بنوايا أبنائهم من الفدائيين.

وتلتزم تلك العواصم الصمت، أيضا، على الانتهاكات المستمرة للمسجد الأقصى إلى الدرجة التى شجعت قطعان المتطرفين اليهود على رصد المكافآت المالية لمن يتمكن من تدنيس المسجد بذبح الخراف أو الماعز داخله فى إطار احتفالات اليهود بعيد الفصح، فنشرت إحدى المجموعات اليهودية إعلانا يرصد مكافأة قدرها ١٠ آلاف شيكل إسرائيلى لمن يتمكن من إدخال الخروف وذبحه و800 شيكل فقط لمن يتمكن من إدخال الخروف إلى المسجد ولا ينجح فى ذبحه و400 شيكل لمن يحاول ولا ينجح.

ستظل القضية الفلسطينية هى قضية كل الشرفاء فى العالم لأنها قضية شعب يعانى من احتلال استيطانى يستهدف طرده من وطنه ليحل محله مستقدمون من كل بقاع العالم، وستظل المقاومة الفلسطينية بكل السبل مشروعة لدى كل صاحب ضمير إنسانى ووطنى، مهما توالت بيانات الإدانة الرسمية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved