بقيت المدرسة.. فليبدأ الدرس

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الجمعة 13 مايو 2022 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

فى استجابة كريمة من الهيئة الهندسية ووزارة الإسكان تم الاتفاق على الإبقاء على مدرسة التمريض التابعة لمعهد القلب القومى فى الحدود التى تحقق استكمال إنشاءات محور ٢٦ يوليو. استدعى الأمر بالطبع هدم سور المدرسة واستقطاع بعض من أرض الحديقة لكن بقاء الفصول فى مكانها أحيا الأمل فى أن المدرسة باقية وأن مائتين وسبع عشرة تلميذة من بنات المدرسة باقيات لن يتم توزيعهن على مدارس أخرى للتمريض وأن الامتحانات ستجرى فى موعدها ولن يتأثر مستقبلهن بأى صورة بل ستجرى الأمور فى مجرياتها الطبيعية وربما ما حدث كان بالفعل فى مصلحة تلميذات المدرسة ومستقبل المدرسة.
التحية واجبة إذن للهيئة الهندسية ولنائب وزير الإسكان للمشروعات القومية المهندس خالد عباس لإنهاء الأمر بتلك الصيغة التى حققت الرضا لكل الأطراف. احتفظ معهد القلب بمدرسته وتمليذاتها وتم استكمال خطة إنهاء أعمال إنشاءات محور كوبرى ٢٦ يوليو مع الاحتفاظ بحرم كامل للطريق.
الواقع أن ما حدث بالفعل كان له وقع حجر ألقى فى المياه الراكدة فقد انعكس ما جرى بصورة إيجابية على نفوس الزملاء من أطباء المعهد الذين تحمسوا لفكرة الاحتفاظ بالمدرسة بل والتفكير الجدى فى أمر تطويرها خاصة أنها تضم مستويين تعليميين لثلاث وخمس سنوات.
استبسال مديرة المدرسة أمل أبو ذكرى ووكيلتها نادية عبدالحميد فى الدفاع عن مبدأ بقاء المدرسة وأهميتها دون شك كان محل إعجاب واحترام من الجميع وأظنه قد آن الأوان الآن للتفكير فى إعادة النظر فى أمر المدرسة كمشروع نموذجى يمكن تكراره فى مدارس أخرى مماثلة وربما كان مشروعا قوميا تتبناه الدولة فى صورة جديدة تتيح التأهيل للعمل كممرضات فى المستشفيات العامة والوحدات الصحية ثم ممرضات مؤهلات متخصصات للعمل فى الأقسام والمستشفيات المتخصصة سواء كان ذلك فى فروع الطب المختلفة أو الجراحة بأنواعها.
يشهد الجميع بمهارة الممرضة المصرية وقدراتها على التعلم واكتساب المهارات والخبرات بل وهناك من المتمرسات منهن من يستفيد من خبراتها الأطباء فى بداية حياتهم والأمثلة بالفعل كثيرة.
كان المعهد العالى للتمريض طفرة شهدها المجال الطبى وحتى الآن يتزايد عدد حملة الماجستير والدكتوراه من خريجات معهد التمريض لكن القضية الأكثر أهمية هي تأهيل الشباب للعمل بمهنة التمريض منذ البدايات. هنا أعنى الشباب من الجنسين فالعالم كله الآن يعتمد على الممرضة والممرض فى منظومة تدور بكفاءة تعتمد على قدرات الفتيات والشباب وتعليمهم الذى يبدأ دائما بالعام ويتطور للتخصصات الدقيقة.
لم يكن حديثى عن تأهيل التمريض فى مقال سابق أدنى صيغة مبالغة حينما كتبت أن تأهيل ممرضة هو أيضا مشروع قومى أسوة ببناء محور مهم كمحور ٢٦ يوليو. بالطبع القياس مع الفارق لكن تأهيل ممرضة بالفعل مشروع قومى تتبناه دول كثيرة منها الفلبين التى تعين الممرضات بعقود رسمية للعالم. ممرضات مؤهلات على مستويات مختلفة وبتخصصات مطلوبة يحملن شهادات كفاءة وتميز معترف بها عالميا ويجدن اللغات الأجنبية لهن حقوق تضمنها سفارات الفلبين وعليهن واجبات تراقبها أيضا السفارة مع جهة العمل.
ممرضات الفلبين المؤهلات بكفاءة هن مصدر الدخل الأول بالعملة الصعبة للفلبين إذ إن الدولة تدفع لهن المرتبات بعملة البلاد داخل الفلبين مع نسبة محددة من العملة الأجنبية وتتقاضى الدولة مرتباتهن بالعملة الصعبة من الدول التى تعقد معها العقود.
هل يمكن أن نقتدى بالفلبين يوما ما فيعلو قدر الممرضة المصرية إلى المكانة التى تنافس فيها على وظيفة عالمية؟
قد أكون قد تجاوزت حدود الأحلام لكن بلا شك ليس بالحلم المستحيل.. فأنا فى الواقع أتمنى لو أن ما حدث قد يلفت النظر إلى أن الاهتمام بتأهيل الممرضات أصبح الآن أحد أهم المشروعات التى يجب التخطيط لها بعناية وبرؤية شاملة بعد مراجعات علمية للمناهج وطرق التدريس والأجزاء التطبيقية منها والتدريبات العملية وإدخال مواد جديدة كاللغات وعلوم الحاسب الآلى على الدراسات الأولية والأساسية التى تسبق التخصص.
فى العام الماضى التحقت طالبة بمدرسة تمريض معهد القلب حاصلة على ٩٨٪ فى الشهادة الإعدادية. دعانى أ.د. محمد أسامة عميد المعهد السابق للتعرف عليها والترحيب بها. كان من الممكن أن يتعرض مستقبل تلك الصغيرة المجتهدة للضياع إذا ما ضاعت المدرسة لكن ربما أراد الله سبحانه ألا يضيع أبدا حق من أحسن عملا فرد عليها أمانها ومدرستها.
أدعو كل من يستطيع المساهمة فى تطوير مدرسة التمريض أو يود بالفعل المساهمة فى تأهيل تلميذاتها بصورة تضمن لهن مستقبلا واعدا ومكانا فعالا فى منظومة الصحة أن يتواصل معنا، الأفكار بالفعل كثيرة ومعدة للاختيار. قد يبدو الطريق صعبا لكنه أبدا ليس بالمستحيل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved