المتوقع وغير المتوقع عربيا فى قضية السد الإثيوبى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 13 يونيو 2021 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

غدا الثلاثاء يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا مهما فى العاصمة القطرية الدوحة لبحث تطورات سد النهضة الإثيوبى وتأثيره على مصر والسودان.
القاهرة والخرطوم هما من دعتا لعقد هذا الاجتماع، وكنت أتمنى أن تأتى الدعوة من أى دولة عربية غيرهما، استشعارا لخطورة الموقف، وحتى تصل رسالة للشعبين المصرى والسودانى بأن الأشقاء العرب، يستشعرون حجم المخاطر الناتجة عن سد النهضة.
وكنت أتمنى ثانيا أن يكون الاجتماع خاصا فقط بقضية سد النهضة، وليس على هامش الاجتماع التشاورى لوزراء الخارجية العرب فى الدوحة، والذى جاءت فكرته بعد العدوان الإسرائيلى الأخير على الفلسطينيين فى غزة والقدس والضفة فى الشهر الماضى.
ورغم كل ذلك فإن مجرد عقد هذا الاجتماع، هو تطور ايجابى مهم، على الأقل أفضل من عدم انعقاده.
المتوقع أن ينتهى الاجتماع إلى بيان عربى جماعى لتأييد الموقف المصرى والسودانى فى حماية حقوقهما المائية فى نهر النيل الأزرق.
ولكن السؤال الذى ينبغى أن نطرحه بصراحة ووضوح هو: هل ما ننتظره كمصريين من هذا الاجتماع، هو مجرد صدور بيان تضامن، يتم وضعه بجوار عشرات وربما مئات البيانات المماثلة عن هذه القضية أو غيرها؟!
ظنى كمواطن مصرى وعربى أننا نريد من الأشقاء العرب، موقفا أكثر وضوحا وصلابة ودعما لنا فى هذه القضية القومية بل والوجودية. هناك دول عربية، سوف نشكرها على مجرد إصدار البيان التضامنى، لأن هذا أقصى ما تملكه، سواء لبعدها عن المنطقة والأزمة، أو لظروفها الخاصة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية، وعدم قدرتها على التأثير فى الأزمة.
وهناك دول أخرى أكثر تأثيرا، ويمكنها إحداث الفارق الكبير والتأثير الواضح فى الموقف الإثيوبى المتعنت. نقطة الانطلاق الحقيقية هى ضرورة أن تكون جميع الدول العربية مدركة تمام الإدراك أنه إذا تمكنت إثيوبيا ــ لا قدر الله ــ من فرض رؤيتها فى الأزمة، وأثرت على حصة مصر المائية فإن ذلك، لن يضر مصر وحدها، بل سيضر الدول العربية جميعا، انطلاقا من حقيقة مؤكدة هى أن مصر الضعيفة، سوف يتم ترجمتها فورا إلى أمة عربية ضعيفة.
وحان الوقت أن يدرك البعض عربيا خطأ وخطيئة وخطورة أن انكسار مصر، يمكن أن يصب فى صالحه.
لست مع نظرية المؤامرة والتشكيك التى تقول إن هناك أطرافا عربية تساند إثيوبيا سرا أو علنا، ولا أملك أى معلومات حقيقية ترجح هذه الفرضية، وسمعت بعض المسئولين المصريين ينفى هذه الشائعات.لكن فى المقابل فإنه من الغريب جدا أن تكون هناك إمكانية لدى بعض الدول العربية فى التأثير على الموقف الإثيوبى المتصلب، ثم تتقاعس عن أداء هذا الدور.
أفهم أن تفعل ذلك إسرائيل لأنها تتمنى تراجع دورنا، وأفهم أن تفعله تركيا فى إطار المناكفة المستمرة منذ 10 سنوات، وأفهم أن تفعله دول كبرى لها مصالح فى إثيوبيا، أو لا تتمنى أن ترى مصر قوية ومؤثرة فى محيطها، لكن لا أفهم أن يأتى ذلك من قبل أطراف عربية.
المؤكد أن بعض الدول العربية لها علاقات اقتصادية مع إثيوبيا، وهذا حق لها، لا يمكن أن نلومها عليه، لأن مصر نفسها، لها مثل هذه العلاقات، وبالتالى فهناك إمكانية أن تستخدم هذه الدولة العربية، لعلاقاتها واستثماراتها وزراعاتها، وموانيها وسائر هذه الأدوات الاقتصادية فى إقناع إثيوبيا بخطورة ما تفعله.
يمكن للدول العربية ذات العلاقات المتميزة مع إثيوبيا، أن ترسل لها رسالة واضحة لا لبس فيها، تقول كلماتها: «نريد أن تستمر علاقتنا قوية معكم، لكن بشرط واحد هو عدم المساس بحقوق مصر المائية، وإذا حدث ذلك، فلن تستمر علاقتنا كما هى».
مرة أخرى المتوقع أن يصدر بيان تضامنى تقليدى روتينى، نشكر عليه الأشقاء مقدما، لكن غير المتوقع هو ما ينتظره المصريون والسودانيون من أشقائهم العرب بموقف عملى قابل للتنفيذ والتأثير لنصرة الحق المصرى والسودانى فى هذه القضية الوجودية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved