حسن شحاتة.. والمنتخب الوطنى

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 13 يونيو 2022 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

يركض اللاعب وراء الكرة، يركلها يمينا أو يسارا، يبعدها الخصم قبل أن تنتقل إلى لاعب منافس، وبين صد ورد قد تنهار دفاعات، ويصل الهدف المنشود إلى شباك المرمى وسط فرحة وهياج جماهير الفريق الفائز فى المدرجات المكتظة، أو أمام شاشات العرض العملاقة فى الساحات والمقاهى والكافتيريات، أو تلك الأصغر حجما فى البيوت، فالكرة «إجوان» كما كان يقول شيخ المعلقين الرياضيين، الكابتن محمد لطيف رحمه الله.
نعم الكرة «أجوال»، لكن تلك الأجوال تعبير عن مهارة فى الإدارة، ومواهب صقلت على العشب الأخضر بخطط تدريبية تترجم على أرض الملعب بكل دقة قبل أن تصل بهذا الفريق أو ذاك إلى تحقيق الانتصارات أو التتويج بالبطولات، فكرة القدم، كما هى باقى اللعبات الرياضية، انعكاس عملى لمدى تقدم الأمم فى فن الإدارة عموما، والرياضة خصوصا، وهى صورة كاشفة لقدرة الشعوب على تنظيم صفوفها لتحقيق أهدافها وبلوغ غاياتها.
يخطئ من يظن أن الرياضة ــ وكرة القدم تحديدا ــ مجرد وسيلة لإلهاء الشعوب، والتلاعب بمصائر الناس من قبل حفنة من السياسيين، ربما ينطبق هذا الكلام على بعض الأمم والشعوب التى لا تزال تقبع تحت القهر والاستبداد، لكنها أبدا لن تكون تلك الوسيلة البغيضة فى بلدان ودول وصلت شعوبها إلى درجات متقدمة من الوعى والتحضر والتفرقة بين اللعبة التى تستحوذ على القلوب، وألاعيب القادة فى دهاليز الحكم والسياسة.
هذا التصور عن الرياضة ودورها فى الارتقاء بفن إدارة البشر لتحقيق الأهداف، وإدخال البهجة على نفوس مشجعى وعشاق الساحرة المستديرة، هو ما تبادر إلى ذهنى خلال لقاء عابر جمعنى قبل أيام مع الكابتن حسن شحاتة الذى تحققت على يديه ثلاث بطولات إفريقية متوالية عندما كان يتولى قيادة المنتخب الوطنى.
صحيح «المعلم» حسن شحاتة، كما لقبته الجماهير منذ أن كان لاعبا، توفر له جيل من اللاعبين أكثر التزاما، واستعدادا للعطاء الفردى والجماعى فى المباريات، غير أن الرجل أعاد الاعتبار للمدرب الوطنى بفرط جديته وفرض شخصيته القوية، وعدم انشغاله بتوافه الأمور، مع انضباط أخلاقى فى الملعب وخارجه، وتلك كانت عوامل النجاح فى مسيرته الطويلة مع المنتخب الوطنى.
سيبادر البعض إلى القول إن شحاتة لم يفلح فى الوصول بالمنتخب الوطنى إلى كأس العالم 2010، لكن أذكر هؤلاء أن توقيت الخروج من التصفيات أمام الجزائر جاء وسط أيام عصيبة فى نوفمبر 2009، وأزمة مع الأشقاء الجزائريين على أرض السودان، وكيف طغت السياسة وتدخلات جمال مبارك و«شلته» من الإعلام غير المسئول فى إفساد العلاقة مع دولة عربية لسنوات طوال، قبل أن يتم إصلاح ما أفسده أصحاب المصالح.
طبعا هذا المقال ليس دفاعا عن حسن شحاتة، فقد ترك المنتخب منذ سنوات، بل هى تذكرة لإنجازات تحققت، عندما توفرت الإرادة والعزيمة لدى اللاعبين ومدربهم، وهى فى الوقت ذاته كلمة حق لرجل تحمل عبء المسئولية فى فترة تاريخية، وكان على قدر تلك المسئولية، فقد لمست فى عينيه شعورا بتقصير الإعلام الرياضى فى حقه، وهو ما نطق به لسانه بكلمات محدودة للغاية، وأنا أمطره بوابل من الكلمات المستدعية بمحبة لمسيرته الحافلة مع المنتخب الوطنى.
وفى الختام لا أريد أن أنكأ جراحا مفتوحة حاليا بعد الهزيمة المذلة التى تلقاها المنتخب الوطنى بأقدام لاعبى نظيره الإثيوبى فى ملاوى، غير أن ما جرى كاشف لعورات كثيرة سواء فى اتحاد كرة القدم، أو فى قيادة المنتخب الوطنى، ومن قبل ومن بعد فى الإعلام الرياضى الذى بات أسيرا لشلل الانتفاع، والدفاع عن المصالح الشخصية، أكثر من كشفه وتعريته لمنظومة رياضية يلمس الجميع مقدار التردى والفساد الذى وصلت إليه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved