طهران موجودة فى قلب سورية

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الخميس 13 يوليه 2017 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

دخل وقف إطلاق النار فى جنوب سورية حيز التنفيذ، وحتى الآن يحرص الطرفان على المحافظة عليه. وتوقف انزلاق القذائف إلى أراضى إسرائيل، وعاد الهدوء مرة أخرى ليسود على طول الحدود فى هضبة الجولان.
الاتفاق هو جزء من «ترتيب» تقوده روسيا والولايات المتحدة من أجل التخفيف من قوة نيران الحرب السورية، والتوصل ربما إلى وضع حد لها. وضمن هذا الإطار يعمل الروس بالتعاون مع تركيا وإيران، وحاليا مع الأردن والولايات المتحدة، وعلى ما يبدو مع إسرائيل أيضا، من أجل إنشاء أربع مناطق تهدئة (عدم تصعيد)، ومعناها عمليا تقسيم سورية بين بشار وخصومه.
إلى جانب المنطقة التى يسيطر عليها بشار الأسد (نحو ربع مساحة الدولة ويعيش فيها ثلاثة أرباع السكان) سيكون هناك أيضا أربع مناطق فى شمال سورية وفى وسطها وحول دمشق وفى النهاية فى جنوبها، حيث يسيطر المتمردون، سواء بحماية تركية أو أردنية، وفى المستقبل حتى بحماية روسية وأمريكية.
فى الأسابيع الأخيرة، جرت فى العاصمة الأردنية اتصالات بمشاركة عسكريين أمريكيين وروس، هدفت إلى ترسيم الحدود والفصل بين المنطقة فى جنوب سورية التى يقع أكثرها تحت سيطرة النظام وبين تلك المناطق، ومن بينها قطاع الحدود مع إسرائيل حيث ستبقى السيطرة بيد المتمردين. وبعد أن انتهت هذه الاتصالات وحصلت على رضا جميع المشاركين، كان فى الامكان إنهاء المهمة وإعلان وقف اطلاق النار، مع الأمل بأنه سيكون من الصعب هذه المرة خرقه سعيا من المتقاتلين إلى تحسين وضعهم كما فعلوا فى مرات سابقة.
إن الرابح الأكبر من عملية التسوية التى يقودها الروس هو بالطبع الأسد، فبقاؤه فى السلطة أصبح مضمونا والتهديد الأمريكى له، إذا كان موجودا، حُذف من جدول الأعمال. كذلك لم يخرج المتمردون خاسرين، لأنه فى المدى القصير سيتوقف الضغط الروسى ــ السورى ــ الإيرانى الذى قرّبهم من هزيمة مؤكدة تقريبا. وهذا بالنسبة إلى المتمردين إنجاز قصير المدى. فى المقابل، يملك بشار الأسد طول النفس الذى يمكن أن يسمح له عندما يحين الوقت، بمعاودة القتال والسيطرة من جديد على سورية كلها.
هناك رابح سعيد آخر هو فلاديمير بوتين الذى حوّل روسيا بمباركة واشنطن، إلى كونها من يحكم فى سورية. وفى المقابل، لا يزال الأمريكيون يركزون على حربهم ضد داعش وليست لديهم استراتيجية أو خطة عمل حيال مستقبل سورية، وبالتأكيد حيال الجزء الجنوبى القريب من حدود الأردن وإسرائيل.
فى يوم إعلان الهدنة فى جنوب سورية، بُشر العالم بخبر تحرير الموصل على يد الجيش العراقى. بعد 8 أشهر طويلة من القتال الشرس خسر تنظيم داعش سيطرته على المدينة التى سقطت فى يده تحديدا فى يوليو قبل 3 سنوات، ورسمت حينها بداية الطريق لقيام الخلافة [الإسلامية] فى أراض شاسعة من سورية والعراق. 
لقد أظهرت الصور من الموصل رئيس الحكومة محاطا بمقاتليه، لكن فى الأيام المقبلة سنشاهد صورا أخرى من الموصل، لمقاتلى الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والقادة الإيرانيين يحتفلون على أنقاض الموصل. وهذه الصور هى التى ستدلنا على المنتصر الفعلى فى اللعبة الكبيرة الدائرة حاليا فى سورية والعراق.
لقد كررت إسرائيل مجددا خطوطها الحمراء بشأن الوجود الإيرانى فى هضبة الجولان. وتصغى روسيا إلى الأصوات الصادرة من إسرائيل، لكنها لا تكفى لإقناعها بالانفصال عن إيران. فالروس وبشار الأسد بحاجة إلى القوات الإيرانية للمحافظة على استمرار سلطة الأسد فى سورية، لذا من الصعب أن نرى أحدا ما يحاول أو ينجح فى إبعاد الإيرانيين عن سورية. 
إن وقف إطلاق النار فى الجولان وإنشاء منطقة عازلة يسيطر عليها المتمردون تبعد الإيرانيين عن الحدود مع إسرائيل والأردن، وهما بلا شك إنجاز تكتيكى مهم، لكنه إنجاز مؤقت ليس فيه ما يغيّر الصورة الكبيرة فى سورية المطبوعة بألوان إيران والميليشيات المدعومة منها. ومثل حالة تهديد حزب الله فى لبنان، ستكتشف إسرائيل أن ثمن إبعاد التهديد عن السياج الحدودى سيجعلها مضطرة لأن تقبل بوجود إيرانى فى قلب سورية يلقى بظلاله على الجولان وما بعد الجولان.

إيال زيسر
باحث فى معهد دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا
يسرائيل هَيوم
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved