أخبار الفراخ

داليا شمس
داليا شمس

آخر تحديث: السبت 13 أغسطس 2011 - 3:48 م بتوقيت القاهرة

 ضمن المبارزات الكلامية العديدة التى تشهدها فترة ما بعد الإفطار على شاشات التليفزيون، تأتينا نشرة أخبار الفراخ على إحدى القنوات الفضائية لتذكرنا مجددا بفن القافية الذى ذاع بمصر فى السابق ولم يعد يلقى اهتماما بين الأجيال الحالية.

 تلو علينا الفرختان مجموعة من الأخبار الخفيفة التى قد لا تخلو من الأمور السياسية، ثم تتباريان بجمل قصيرة و«قفشات» حول موضوع محورى واحد، كما هو متبع فى فن القافية الذى يعتمد على الموسيقى التى «تقفو» الجمل أو تجىء فى آخرها وعلى كلمة «اشمعنى»... وهى كلمة عربية فصيحة، طرأ عليها ما يعرف باسم «النحت» فى اللغة العربية، لتتحول من «إيش المعنى» ( أو ماذا تقصد؟) إلى «اشمعنى»، تماما كما حدث مع كلمة دارجة أخرى وهى «معلهش» التى نحتت من «ما على شىء»...النحت ليس موضوعنا هنا، ولكن التفاصيل حبكت، تماما كما «تحبك» النكتة أو القافية!

المهم هو أن الفراخ تتواصل بشكل فيه تواطؤ وذكاء تفتقده فى أحيان كثيرة حوارات فريقى الـ«مع» والـ«ضد» على اختلاف الموضوع واختلاف المناسبة التى بدأت فيها المبارزات الكلامية، فنشرة أخبار الفراخ طريفة فى حين أن معظم الحوارات الحالية مكررة! ويتولد لدينا انطباع أنه على جميع الأطراف الاستماع لحلقات البرنامج الإذاعى القديم «ساعة لقلبك» حيث اشتهر الثنائى سلطان والفار بتقديم فن القافية، مما قد يؤدى إلى نوع من الاسترخاء اللطيف وبالتالى إلى تفريغ شحنة العنف وإعادة النظر فى أشياء أخرى كثيرة..

فالقافية تركز على ملكات عرف بها المصريون كسرعة البديهة وروح الفكاهة وقوة الذاكرة، إلا أن الكاتب إدوارد لين يقول فى وصفه لطبائعهم إن هذه السمات الفطرية تتأثر تأثرا كبيرا بدينهم وقوانينهم وحكومتهم ومناخ بلادهم.. وقد حدث ذلك بالفعل، فضعفت هذه الصفات تدريجيا، بل وشحت النكات والقفشات فى أواخر أيام الرئيس السابق وانتشرت النكات التى «تم إعادة تدويرها مائة مرة» حتى الملل.

وتختلف أشكال المبارزات الكلامية خفيفة الظل، فثقافتنا تنحاز لفنون القول الشفهية ومنها الشعر «الحلمنتيشى» الذى جدد شبابه مؤخرا مع عمرو قطامش، وهو أشبه بمعارضة هزلية للقصائد القديمة الرصينة التى نظمها كبار الشعراء، بإدخال مفردات شعبية فى نسيج القصيدة الفصيحة.

ومن رواده حسين شفيق المصرى ( 1882ــ 1948)، الذى كان أول من أطلق اسم «حلمنتيشى» على هذا اللون من الشعر وكتب «المشعلقات» على غرار «المعلقات السبع» الجاهلية. وقد عارض قصيدة لأبى العلاء المعرى، منددا بمن ينتهزون شهر رمضان ليكثروا من الطعام، فقال: «خير ما يشترى من الفرخانى، وأبدأ الأكل عندما يضرب المدفع، وألهط وأشفط وقربه كمانى، غير أنى أخاف أن يتخم الأبعد أو... قد يصاب بالزوران، ليس معنى الصيام لو كنت تدرى، جوعة.. ثم أكلة عميانى».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved