مراكز قوى متناهية الصغر

أميمة كمال
أميمة كمال

آخر تحديث: الأحد 13 سبتمبر 2009 - 9:39 ص بتوقيت القاهرة

 لا أعرف كم واحد مثلى متحمس لكى يثبت للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء أننا لا نمل من أحاديث سيادته المكررة مع الأستاذ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام، بل ونكمل بكامل إرادتنا الحرة قراءة الحوار دون أن يصاب أحدنا بداء التخمة الذى عادة ما يأتى بعد أن نفرغ من قراءة حوار فى صفحة جرنال واحدة، فما بالك والحوار على صفحتين كاملتين، ويكاد يشعرك طولهما بأنهما أطول من الدكتور نظيف نفسه.

وليس أدل على أننى وصلت إلى الصفحة الثانية من الحوار من أننى استجيب لدعوة أطلقها الدكتور رئيس الوزراء قائلا بمنتهى الثقة «لا توجد مراكز قوى فى مصر الآن، والذى يعرف شخصا يقول إنه مركز قوى ياريت يرسله لى كى أفهم منه كيف أصبح هذا الشخص مركز قوى».

وعلى الرغم من أن مراكز القوى الآن لا تخطئها العين ولا تحتاج إلى شخص يدله عليها، لأنها تكاد أن تعلن عن نفسها، بل وتتفاخر بأنها قادرة على سن القوانين فى مجلس الشعب، ووقفها أيضا عند اللزوم، وتعطيل ما تراه يهدد مصالحها. إلا أننى لن أبلغ عن هؤلاء حتى لا أتسبب فى حرج لدولة رئيس الوزراء لأنه سيكون صعبا عليه حتى أن يسأل لماذا أصبح هذا الشخص أو ذاك مركز قوى؟. ولذلك دعنا من مراكز القوى الكبيرة التى بات الحديث عنها يصيب الجميع بالسأم وبالعجز الذى يدفع الكل بالرضا بالأمر الواقع، بل ويجعلهم على يقين بأنه لا مساس بمراكز القوى الكبيرة حتى ولو بلغ عنها المجتمع كله، ولذلك يكفينا الحديث عن مراكز القوى المتوسطة، والصغيرة، ومتناهية الصغر لعل حديثنا يصبح ذى جدوى.

وسوف أسهل على دولته الأمر وأبلغه بأنه هو شخصيا من مراكز القوى من النوعية الأخيرة، ولذلك فإنه يستطيع ببساطة أن يجلس مع نفسه ويسأل ألم أكن مركز قوى عندما كنت وزيرا للاتصالات فى عام 2003 وقررت أن أعطى أرضا ملك الوزارة التى أترأسها إلى جامعة النيل (حتى ولو كانت حق انتفاع) فى نفس الوقت الذى أسهم فيه من مالى الخاص فى ذات الجامعة. وهل لو كانت جامعة القاهرة أو عين شمس أو أى جامعة إقليمية قد طلبت أرضا من الوزارة، وهى بالطبع لا نبغى ربحا على الإطلاق، هل كان الدكتور نظيف سيستجيب؟.

أليس مركز القوى هو الذى يستطيع أن يقول للقرار كن فيكون لتحقيق مصالحه الخاصة؟. وأنت قلت... فماذا عساك أن تفعل؟ هل ستسأل نفسك كما وعدت فى حديثك فى الأهرام؟.

ولكن هذا لا ينفى بالطبع أننا نصدق الدكتور نظيف وصحبه عندما يقول فى حديثه أنه أسهم من ماله الخاص «هو ومجموعة من أفاضل الشخصيات فى هذا المجتمع فى جامعة النيل التى لا تهدف للربح». وبالتأكيد ما سيدفعه طالب الهندسة فى هذه الجامعة والذى يصل إلى (66 ألف جنيه)، وطالب التجارة (57 ألف جنيه) لا يحقق ربحا، ولكنه بمثابة دعم يقدمه الطالب لأنه متيم بالعلم ومغرم بالتعليم، ويعرف نبل أصحاب هذه الجامعة الذين يدفعون من جيوبهم الخاصة من أجل خدمة العملية التعليمية فقط خاصة أن بعض المساهمين فى الجامعة هم مجموعة من الشركات متعددة الجنسيات الذين يعرف عنها أنها عادة لا تبغى من مساهماتهم فى مثل هذه المؤسسات سوى أن يضعها الله فى ميزان حسناتهم.

ويبدو أن الأهرام كان حريصا فى نفس العدد الأهرامى الشيق أن يدافع عن الدكتور نظيف بكل السبل فأجرى حوارا فى نفس اليوم مع الدكتور طارق خليل القائم بأعمال رئيس الجامعة. والحقيقة أن الزميل الصحفى بذل كل ما يستطيعه لإقناع القارئ بجدوى وأهمية جامعة النيل للحد الذى وصل به إلى القول بأن الفكرة تجددت على يد الدكتور أحمد إسماعيل خريج جامعة (mit) الأمريكية، وأن جامعة النيل كان مستهدفا لها أن تنشأ مماثلة لنفس جامعة (mit) الأمريكية. وما أدراك ما جامعة (mit) التى تخرج فيها كل من الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية، ونتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى. وطبعا أفحمنا هذا المثال وأغنانا عن التفكير فى أى نقاط أخرى، فأى فخر هذا الذى نشعر به عندما يكون لدينا جامعة تطول قامتها قامة جامعة أمريكية أخرجت أمثال «غالى ونتنياهو».

والحقيقة أنه بالرغم من النوايا الطيبة التى تقف وراء تكثيف الدفاع عن الدكتور نظيف فى عدد أهرامى واحد إلا أن المحاولة باءت بالفشل، لأنه لم يقل لنا إذا كان قد فعل ذلك وهو وزير فماذا عساه أن يفعل وهو رئيس للوزراء؟ أكيد لديه الكثير ليفعله.
أميمه كمال

Okamal@shorouknews.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved