ما هى حجة الحكومة؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 13 نوفمبر 2016 - 12:25 ص بتوقيت القاهرة

ليس هناك حجة عند الحكومة هذه الأيام لكى تثبت «كرامة» وتجعل الشعب يثق أن هناك أملا فى الغد.

الآن هناك فرصة ذهبية وظروف غير مسبوقة كلها تصب فى صالح الحكومة كى تنجح فى خطة الإصلاح الاقتصادى.

أول العناصر الداعمة للحكومة هو موافقة صندوق النقد الدولى على توقيع الاتفاق معها مساء الجمعة الماضية لتقديم قرض بقيمة ١٢ مليار دولار على ثلاث سنوات. كانت الحكومة تقول دائما إنها بحاجة ماسة لهذا الأمر، ليس فقط لأنها تحتاج إلى القرض، ولكن حتى تحصل على شهادة ثقة وجدارة أمام العالم بأكمله خاصة الهيئات والمؤسسات الاقتصادية الدولية وبالطبع المستثمرين. الآن صار ذلك أمرا واقعا وتم تحويل الدفعة الأولى من القرض بالفعل مساء الجمعة. كما حصلت الحكومة على حزمة تمويلية بأكثر من ستة مليارات دولار من الدول العربية الشقيقة وبعض البلاد الأجنبية، كى يمكنها تنفيذ عملية الإصلاح الاقتصادى كما طلب الصندوق.

العنصر الثانى الذى يصب فى صالح الحكومة: أنها كانت تشكو دائما من وجود سعرين لصرف الدولار والعملات الأجنبية. هى حررت قبل عشرة أيام سعر الجنيه وتركته للعرض والطلب للمرة الأولى منذ عشرات السنين ويفترض أن ذلك كان مطلبا أساسيا لصندوق النقد الدولى وللمستثمرين الأجانب الراغبين فى الاستثمار فى مصر وتحويل أرباحهم لبلدانهم.

العنصر الثالث: هو تخفيف عبء دعم الطاقة، وهو أمر كانت تشكو منه أيضا منذ سنوات، وتقول إنه يتسبب فى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة.. الحكومة رفعت أسعار الوقود ما بين ٣٠ و٤٧٪. صحيح أن تحرير سعر الدولار جعل فاتورة دعم الطاقة ترتفع على الرغم من تخفيض الدعم، لكنها على الأقل خطت خطوة مهمة إلى الأمام. ويضاف إلى هذا الأمر ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والغاز وسائر الخدمات.

العنصر الرابع : هو استمرار انخفاض أسعار البترول عالميا فى حدود 50 دولارا للبرميل، الأمر الذى خفف العبء كثيرا عن الموازنة العامة.

العنصر الخامس: أن السياحة بدأت تتعافى نسبيا إلى حد ما فى الشهور الأخيرة، ورأينا عشرات رحلات الطيران تتدفق أسبوعيا من أوروبا إلى الأقصر والغردقة وشرم الشيخ. صحيح أن السياحة الروسية والبريطانية لم تعد لشرم الشيخ حتى هذه اللحظة، لكن المشهد صار إيجابيا للمرة الأولى منذ سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء فى ٣١ أكتوبر قبل الماضى.

العنصر السادس: هو أن المعارضة الحقيقية للحكومة فى أضعف حالاتها منذ سنوات طويلة.. الأحزاب السياسية منهكة أو محاصرة أو غير فعالة، وجماعة الإخوان تعرضت لضربة جعلتها تترنح، والإرهاب شبه محاصر فى بقعة صغيرة للغاية بشمال سيناء، وبضع عمليات هنا وهناك. وقد تم اختبار كل ذلك بعدم الاستجابة للتظاهر يوم ١١/١١ الماضى، على الرغم من الحالة الاقتصادية الصعبة لغالبية المواطنين.

العنصر السابع: هو فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، المعروف بتأييده للحكومة المصرية، خصوصا فيما يتعلق بقضية التطرف والإرهاب، وبالتالى فإن الحكومة سوف تتخلص من «صداع الإدارة الديمقراطية». كان أوباما فى حالة خصام كامل مع حكومتنا، وكان فوز هيلارى كلينتون سيصبح أفضل قليلا من أوباما، لكن المؤكد أن ترامب سيكون الأفضل للحكومة المصرية، حتى لو كان سيئا لغالبية العالم.

العنصر الثامن: أن غالبية المواطنين مازالوا يتحملون كل الإجراءات الاقتصادية المؤلمة والموجعة، صحيح أن أنينهم يسمعه القاصى والدانى، لكن معظمهم لا يزال صابرا محتسبا، على أمل أن يرى ضوءا فى نهاية النفق.
تلك هى العناصر الثمانية الأساسية التى تمثل مزايا نسبية للحكومة المصرية، كى تنطلق للأمام، خصوصا أنها حصلت على كل ما كانت تأمل فيه.. والسؤال: ما الذى يمنع الحكومة أن تنجح فى عملها؟!.
لديها العالم بأكمله تقريبا يساندها اقتصاديا، ورئيس أقوى دولة فى العالم يدعمها سياسيا، ومعارضتها فى أضعف حالاتها، وشعب صبور ومتحمل.. فما الذى يعيقها عن الخروج بالشعب من هذا المأزق؟!
بوضوح وبصراحة، لم يعد لدى الحكومة أى حجة.. الملعب مفتوح والجمهور شجع ويشجع بأفضل طريقة.. والسؤال: متى تسجلون الهدف؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved