رابحة

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 14 يناير 2022 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

 

ينتمى هذا الفيلم تماما إلى ما يسمى بالفيلم الصحراوى المصرى، وهو النوع الذى انتشر على أيدى مخرجين بأعينهم وعلى رأسهم نيازى مصطفى صاحب هذا الفيلم الذى كان يميل إلى إسناد مثل هذه الأدوار إلى زوجته كوكا طول حياته الفنية، وهناك مجموعة من السمات تبعا من السهل التعرف على الفيلم، فهو تدور أحداثه بين المدينة وصحراء الفيوم حيث تقيم قبيلة من العرب تسمى بنى عامر والتى تنتمى إليها فتاة رابحة، التى تقوم بإنقاذ شاب مدنى ثرى من الموت وتقع فى حبه، والتباين واضح من خلال عادات وأخلاق أهل القرية وعادات أهل الحضر، بحسب القوانين الاجتماعية الصحراوية، فإن على رابحة أن تتزوج من ابن عمها وألا تتزوج قط من أى شخص آخر، ويحاول السيناريو أن يمجد حياة العرب بأى شكل، وذلك من خلال الهتاف الأخير الذى يهتفه الجميع حينما يتم الزواج الفعلى بين رابحة وحبيبها والذى يؤدى دوره بدر لاما، ويرددون أنه يحيا العرب كأنه هتاف قومى، باعتبار أن الأرض صحراوية فى الفيوم قد ثارت بدوية عربية قبل أن تكون مصرية.
ويذكرنا هذا بفيلم أمريكى عن زواج شخص أمريكى من فتاة يونانية ويترك كل عالمه ويعيش فى العشيرة اليونانية مثلما يحدث لبطل فيلم رابحة الرجل الثرى عاشق؛ حيث إننا أمام رومانسيات الصحراء وهناك قصة حب مستحيلة بسبب واحد هو أن العاشقين من طائفتين مختلفتين، ويبدو هذا واضحا فى المواجهة التى تدور بين رابحة وأسرة زوجها فى المنزل الفخم الذى تقيم به بعد أن استجلابها زوجها لتعيش فى هذا البيت حتى يدبر لها العقد الشرعى لموافقة أهلها الأسرة المدنية، تصف البنت البدوية بأنها تفتقد إلى النظافة، والتحضر وأنها من بيئة متدنية أما رابحة، فإنها ترد أن الشرف هو أهم سمات بنات البدو العرب؛ حيث إن مسألة خروجها من قبيلتها وزواجها من حبيبها المدنى سوف يلحق العار بأبيها الضرير، هذا الأب الذى يسند مهمة غسل الشرف بالدم إلى ابن أخيه الذى يريد الزواج من رابحة.
إذن التباين بين الطرفين يبدو واضحا، وهو أمر يقنعنا ــ نحن المشاهدين ــ بما يقوله كل طرف، فالكمال لله وحده، من جانب آخر فإن الفيلم يعتمد على الأغنية الصحراوية فى المقام الأول؛ حيث يمتلأ الفيلم بأغنيات صحراوية طويلة للغاية ليس لها مكان فى الدراما، وهى باعث على الحنين إلى هذا النوع من الحياة ويغنيها جميعا محمد الكحلاوى من كلمات بيرم التونسى، مما يعكس أن هناك جماهير قادرة على إنجاح الفيلم وتستمتع بهذه الأغنيات تناسب طبيعتهم وأذواقهم، ويخلو الفيلم من أى أغنية مدنية، أى أن الفيلم ينتصر للجانب البدوى الصحراوى على الحياة المدنية باعتبار أن الرجل قد ترك بيئته وذهب ليعيش فى صحراء الفيوم مع أهل زوجته مفضلا الصحراء على القصر الفخم الذى كان يعيش فيه وهو يعترف للبدو أنه ينتمى إلى نفس القبيلة بنى عامر.
هذه الأسباب وغيرها تجعلنا أمام فيلم صحراوى يجيد الممثلون فيها النطق باللهجة البدوية، وقد رأيناهم فى هذه الأدوار ومن بينهم كوكا، سراج منير، بدر لاما، وعباس فارس، أى أن قصة الحب هنا تجد نفسها أمام مستحيل يتعلق رابطة الدم لأحد الطرفين، رابحة، وهى البنت التى عليها أن تحتفظ بشرف العائلة، وإن فعلت غير ذلك سوف يتم قطع رقبتها.
هكذا كانت كوكا دائما فى مثل هذه الشخصيات فى أغلب أدوارها التى مثلتها فى أفلام من إخراج زوجها وكأن هناك فرضية لتمجيد العشق على طريقة الصحراويين، فنحن لم نر هؤلاء البدو يمارسون أى عمل سوى العيش فى الصحراء، لا زراعة، ولا تصنيع ولا هوايات، بالإضافة إلى الحياة فى الخيم قد تكون ثابته ومتحركة.
الجدير بالذكر أن نيازى مصطفى وزوجته هما أول من فتح الباب لرومانسيات الصحراء من خلال الثنائى عنتر وعبلة لنراهما فى أفلام كثيرة جدا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved