الدبلوماسية السيبرانية وأفريقيا.. ما لم تتحد القارة ستدفع إلى الوراء

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الجمعة 14 يناير 2022 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

 

نشر معهد الدراسات الأمنية مقالا للكاتبة كارين آلين تناولت فيه ما ينتظره الدبلوماسيون الأفارقة هذا الشهر من لقاء مع نظرائهم على مستوى العالم فى نيويورك، للدفع بمقترحات تقوم عليها معاهدة سيبرانية جديدة للأمم المتحدة، وتشير الكاتبة أن ما تقدمه القارة من فرص للشركات التكنولوجية إلى جانب ما تمتلكه من قوة ديمغرافية يجب أن يكونا ورقة فى يد الدبلوماسيين الأفارقة لوضع اتفاقية تلبى احتياجات القارة وتضعها كأولويات.. نعرض منه ما يلى.
فى 17 يناير، سيلتقى الدبلوماسيون الأفارقة بنظرائهم على مستوى العالم فى نيويورك لمناقشة تفاصيل معاهدة جديدة مقترحة للأمم المتحدة تتصدى للجرائم الإلكترونية. ستكون فرصة للوفود الأفريقية لتسليط الضوء على التهديدات الرقمية المتزايدة وتحديد كيفية تحديد والتحقيق فى ومقاضاة ما هو فى الواقع جريمة بلا حدود.
تعد المعاهدات الموجودة حاليا، مثل اتفاقية بودابست أو اتفاقية الاتحاد الأفريقى بشأن الجرائم الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية (اتفاقية مالابو)، من قبل بعض الدول مفيدة فى وقت مازالت تعتبر فيه الجهود الإقليمية ضعيفة. وفى وقت يتجه فيه الفضاء الإلكترونى إلى أن يصبح مسرحا تتنافس فيه القوى الجيوسياسية، مثلما فعلت روسيا بدعوتها إلى وضع اتفاقية على مستوى الأمم المتحدة.
اجتماع نيويورك سيضرب مثالا على ما يمكن للدبلوماسية الإلكترونية تحقيقه. الاجتماع سيكون ضمن مجموعة من المنتديات متعددة الأطراف، ترأس العديد منها الأمم المتحدة؛ حيث تتم مناقشة الحوكمة السيبرانية والمرونة والقدرة والاستجابة. يتمثل جوهر هذه المشاركات فى كيفية موازنة الدول بين حرية المعلومات والخصوصية والأمن فى العالم الرقمى سريع التطور.
تسلَّم معهد الدراسات الأمنية تقريرا يشرح سبب عدم قدرة أفريقيا على المشاركة فى مثل هذه المناقشات الدبلوماسية. تتخلف القارة حاليا عن العديد من الأجزاء الأخرى من العالم عندما يتعلق الأمر «بالقدرة» الرقمية؛ أى امتلاك الأشخاص والعمليات والتكنولوجيا التى تحدد العصر الرقمى.
لا يمكن أن تكون المناقشات حول الجرائم الإلكترونية والأمن السيبرانى وكيفية تطوير التكنولوجيا الرقمية المستقبلية ونشرها حكرا على الدول الأكثر ثراء التى تتمتع بقدرات رقمية متقدمة. فهذه التقنيات يتم استخدامها بشكل متزايد فى أفريقيا فى إدارة الأعمال والحكومة والأمن.
يجب على الدول الأفريقية المتقدمة رقميا، بما فى ذلك كينيا وجنوب إفريقيا وموريشيوس ونيجيريا وغانا والمغرب ومصر ورواندا، توضيح الأولويات الرقمية للقارة بشكل متماسك يحولها إلى قوة تنظيمية؛ وهو ما سيعزز نفوذ أفريقيا فى مفاوضات الدبلوماسية الإلكترونية.
لاحظ أحد الخبراء الإقليميين فى مجال الأمن السيبرانى أنه فى العديد من المنتديات متعددة الأطراف تنظر القوى الإلكترونية العظمى إلى الأفارقة على أنهم شركاء صغار مهمون لتشكيل تحالفات قد يحتاجونها مستقبلا. ولمواجهة ذلك، تحتاج أفريقيا إلى أبطال قاريين يمكنهم التفاوض على مواقف رقمية مشتركة على مستوى القارة وتعرض من خلال الاتحاد الأفريقى.
تشمل القضايا الأكثر إلحاحا على سبيل المثال الطرق التى يمكن للدول الأفريقية اتباعها لتتماشى مع استراتيجية التحول الرقمى للاتحاد الافريقى. وقضايا الأمن السيبرانى، فكيف يمكن للدول الأفريقية مواجهة الهجمات التى تشن على البنية التحتية الحيوية أو الحملات التى تشن عبر الفضاء السيبرانى لتقويض الديمقراطية. وأيضا الجرائم الإلكترونية وما تشكله من تهديد، مثل التزوير والاحتيال والاتجار بالشر أو المخدرات أو الأسلحة أو منتجات الحياة البرية والأحجار الكريمة... إلخ.
تؤكد استراتيجية التحول الرقمى للاتحاد الأفريقى على الإمكانات الاقتصادية والتنموية الناتجة عن التقدم الرقمى السريع فى القارة. ولتحقيق ذلك يجب ضمان الوصول العادل إلى التقنيات الرقمية وبناء القدرات البشرية للاستفادة منها.
هناك حاجة إلى عقد مناقشات حول عواقب التكنولوجيا المتطورة، والتى ربما تكون غير مقصودة، على الأمن البشرى. فإذا غابت الاستراتيجيات التى تشكل وتروض الخوارزميات واستخدام التكنولوجيات الرقمية الحديثة، فالدول الأفريقية بذلك تخاطر أن تتحكم بها أجندات الدول العظمى المتقدمة رقميا. تحتاج القارة إلى صقل مهارات الدبلوماسيين الأفارقة فى المجال السيبرانى ونشر المعرفة الرقمية عبر أجهزة الحكومات الأفريقية.
تعد المنافسة على ملكية التقنيات الناشئة وما يقترن بها من قوى سببا آخر لضرورة مشاركة أفريقيا بنشاط فى الدبلوماسية السيبرانية. تحتاج الدول الأفريقية إلى البنية التحتية التى تقوم عليها التقنيات الرقمية مثل الشبكات والأجهزة والأدوات الأخرى. وهذا يجعلهم يعتمدون على دول أخرى ووكلائها، ولكنه يجعلهم أيضا مهددين أمام التأثيرات والمعايير المستوردة حول الخصوصية والمراقبة الجماعية والأمن.
الظهور السريع لأنظمة كاميرات المراقبة مع أدوات التعرف على الوجه التى تقدمها الشركات الصينية فى دول مثل إثيوبيا وجنوب أفريقيا وكينيا وزيمبابوى أثار نقاشا حول السيادة والترابط التكنولوجى والإقطاعية الرقمية.
بالنظر إلى المستوى المتواضع للتطور الرقمى فى الكثير من دول الاتحاد الإفريقى، تبدو إفريقيا من أكثر المناطق الضعيفة أمام التنافسات التكنو ــ جيوسياسية. التحديات الاقتصادية التى تواجه العديد من دول القارة قد تدفعهم إلى البحث عن أرخص التكنولوجيات بدلا من البحث عن أأمنها.
ما تمتلكه القارة الإفريقية من نسبة عالية من الشباب يؤهلها لتكون مصدرا مستقبليا وسوقا للتكنولوجيا الحديثة. وفقا لأرقام البنك الدولى، بحلول عام 2050، سيصبح بين كل أربعة أشخاص فى العالم شخص من أفريقيا جنوب الصحراء. هذا، إلى جانب نسبة الشباب المرتفعة التى تمتلكها القارة، يوفران نفوذا للدول الأفريقية لضمان تلبية احتياجاتهم الرقمية الحالية وإعطاء الأولوية للتحديات التى يواجهونها.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved