حرب الاستنزاف

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 14 فبراير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

 ما تعيشه مصر حاليا ليس إلا حرب استنزاف يخوضها الرئيس محمد مرسى ومعارضوه حيث يتصور كل طرف أن استمرار الاحتقان السياسى والتدهور الاقتصادى والأمنى سيستنزف قوة الطرف الآخر ويدفعه إلى التخلى عن أهدافه ومطالبه فى حين أن حرب الاستنزاف الحقيقية يشنها الطرفان ضد مصر الدولة والشعب.

 

فالرئيس مرسى وجماعته يتصورون قدرتهم على الخروج من الأزمة بكل مكاسبهم غير المقبولة الممثلة فى حكومة مشكوك فى كفاءتها وجدراتها بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة ونائب عام يرى المعارضون له من داخل القضاء وخارجه أنه «نائب خاص» للرئيس ونظامه وقانون انتخابات تراه المعارضة مشوها ولا يوفر الحدود الدنيا للنزاهة الانتخابية. والسلاح الذى يستخدمه الرئيس ورجاله من جماعة الإخوان المسلمين ليس سوى محاولات استنزاف المعارضة سواء النخبوية الممثلة فى قيادات جبهة الإنقاذ أو الشعبية الممثلة فى الشارع الغاضب والملتهب دائما على أساس أن «الزمن قادر على العلاج» وتفريغ شحنات الغضب وأن الشباب لن يظل فى الشارع إلى الأبد.

 

فى المقابل فإن المعارضة تراهن على استنزاف أى قبول شعبى للرئيس وجماعته مع استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والأمنية والتى لا سبيل إلى تحسنها إلى بعودة الهدوء للشارع.

 

ولكن كارثة الكوارث كما قلت فى البداية إن حرب الاستنزاف المزدوجة التى يشنها كل من الرئيس ومعارضيه لا تستنزف إلا قدرات الدولة ومستقبلها حتى إذا وضعت هذه الحرب أوزارها وسكن غبارها سيكتشف الجميع أن «العملية نجحت والمريض مات» لأن المريض فى حالتنا تلك ليس سوى الدولة المصرية التى باتت تواجه خطر الانهيار تحت وطأة حرب الاستنزاف الدائرة.

 

إن اقتصاد مصر المتداعى لا يحتمل استراتيجية المماطلة والتسويف والهروب من الاستحقاقات السياسية التى يمارسها الرئيس مرسى. كما أن مؤسسات الدولة لا تحتمل عمليات الهدم المنظم التى تمارسها المعارضة ضدها على أمل اسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين.

 

أخيرا وليس آخر فإن استمرار حرب الاستنزاف ستحول الصراع الحالى بين الرئيس وجماعته من ناحية والمعارضة من ناحية أخرى من صراع سياسى قائم على أساس فكرة تداول السلطة إلى صراع وجود يحاول فيه كل طرف القضاء على الآخر بعد تكفيره أو تخوينه وهو ما يعنى الانتقال به من دائرة معادلة «رابح ورابح» أو حتى «رابح وخاسر» إلى دائرة «خاسر وخاسر» لأن النهاية ستكون خسارة الجميع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved