حافة الخطر الأوكرانية

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 14 فبراير 2022 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

تتسارع الأحداث على صعيد الأزمة الروسية الأوكرانية، وتعلو نبرة التحذير الأمريكية من غزو روسى وشيك، توقع الرئيس الأمريكى جو بايدن وقوعه غدا الاربعاء (16 فبراير)، على الرغم من أن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربى، قال، إنه لا يستطيع تأكيد أن روسيا تعتزم غزو أوكرانيا فى هذا اليوم بالتحديد، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن «عملا عسكريا كبيرا يمكن أن يحدث فى أى يوم الآن».
فى المقابل يقول الكرملين إن «اتهام روسيا بالتخطيط لغزو أوكرانيا هو مجرد تكهنات استفزازية»، وأن الهدف جر روسيا إلى حرب، مع استمرار تجاهل الغرب لهواجسها الأمنية بشأن سعى حلف الناتو للتوسع شرقا بضم أوكرانيا إلى صفوفه، وبما يشكل تهديدا للأمن القومى الروسى، فى ظل قلق من إمكانية نشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى فى أوكرانيا، تستطيع الوصول إلى العاصمة الروسية موسكو.
وعلى الرغم من المساعى الدبلوماسية التى تبذلها باريس وبرلين لتجنب اشتعال النيران فى شرق أوروبا إلا أن الواقع يجعل أوكرانيا أشبه بفريسة وسط الذئاب، مع تسارع سحب العديد من الدول الأوروبية لموظفى بعثاتها فى كييف أو تقليل عددهم مع دعوة مواطنيها إلى مغادرة الأراضى الأوكرانية، بما يرافق ذلك من أجواء سلبية على الوضع الداخلى الأوكرانى، ما دفع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إلى اعتبار التحذيرات من غزو روسى وشيك لبلاده لا تولد سوى «الهلع» مطالبا بدليل قاطع على «الهجوم الوشيك».
المخاوف التى تثيرها التصريحات الأمريكية، تحديدا، عن الغزو «الوشيك» لأوكرانيا، كان لها تداعيات على المواطنين الأوكران الذين خرجوا فى مظاهرة حاشدة طافت عددا من شوارع العاصمة كييف لإظهار مدى وحدتهم فى مواجهة الخطر، على الرغم من أن إمكانياتهم العسكرية لا يمكن مقارنتها بحجم القدرات الهائلة للدب الروسى، لكنهم على الأقل يحاولون رفع روحهم المعنوية، والتقليل من الرعب الذى يحاصر بلادهم.
وفى ظل هذه الأجواء المشحونة يبقى السؤال: هل نحن بصدد غزو عسكرى روسى حقيقى، أم هى حرب تصريحات تستهدف الولايات المتحدة وحلفاؤها من جانب، وروسيا من جانب آخر، تحقيق مكاسب قبل الجلوس على طاولات التفاوض للاتفاق على أوراق لعب جديدة فى معادلة القوة الدولية؟
العديد من المحللين والخبراء فى الشئون الدفاعية والعلاقات الدولية، وعلى الرغم من كل هذا التصعيد، ما زالوا يستبعدون وقوع غزو روسى يترتب عليه اندلاع حرب واسعة بين معسكرين، ويستند هؤلاء إلى نفى الولايات المتحدة وبريطانيا على سبيل المثال إرسال قوات إلى أوكرانيا، مع غموض فى موقف حلف الناتو الذى تعتبره روسيا مفجر الأزمة بسعيه لضم أوكرانيا إلى صفوفه فى توقيت «لا محل له من الإعراب» فى نظر موسكو التى تشدد على أن حشودها على الحدود الأوكرانية دفاعية بالأساس.
الحروب ليست كألعاب «البلاى ستيشن» الافتراضية على الرغم من أن الوسائل الإلكترونية باتت أسلحة أكثر تأثيرا من الطرق التقليدية للحروب، وبالتالى فإن روسيا من جانب والدول الأوروبية والولايات المتحدة من جانب آخر يدركون أن ثمن اندلاع حرب فى أوكرانيا سيكون ثمنه باهظا، وقد لا يتحملون فاتورتها المادية والبشرية، فى ظل الأزمات الاقتصادية التى خلفها انتشار وباء «كوفيد –19» بمتحوراته المميتة.
روسيا تدرك أن الحرب ستؤثر على مبيعاتها من الغاز، وأوروبا تعلم الثمن الذى ستدفعه مع نقص الإمدادات الروسية من الطاقة، والشرق الأوسط سيجد نفسه واقعا فى منطقة استقطاب حادة ستكون تداعياتها خطيرة على سلم الأولويات السياسية فى منطقة تعانى أصلا من الاضطراب، بينما سندفع فى مصر فاتورة ارتفاع ثمن القمح عالميا، ونحن الأكثر استيرادا للقمح الروسى ونظيره الأوكرانى، ومن هنا يخشى الجميع تجاوز حافة الخطر الأوكرانية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved