حان وقت التعبئة العامة لمواجهة كورونا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 15 مارس 2020 - 6:38 م بتوقيت القاهرة

السيناريو الأسوأ على الإطلاق فيما يتعلق بالدول التى لم يصل إليها فيروس كورونا أو وصل بأعداد قليلة جدا، هو أن يكون الفيروس موجودا، لكن لا توجد آليات وبنية صحية متقدمة أو كافية لاكتشافه والتعامل معه، وإذا تحقق هذا السيناريو ــ لا قدر الله ــ فإن كل المناطق والمدن والبلدان التى تبدو خضراء، أى خالية من الفيروس ستشهد حالات من الانتشار واسع النطاق، ما قد يستحيل التعامل معه.
أقدر تماما جهود الحكومة المصرية، خصوصا وزارة الصحة فى مكافحة الفيروس، لكن مرة ثانية أدعو إلى اتخاذ إجراءات مختلفة أكثر جذرية، بالنظر إلى ما يحدث حولنا فى معلم بلدان العالم.
عرضت بالأمس ما يحدث فى دول كبرى مثل الصين وإيطاليا وكوريا الجنوبية، التى عطلت كل مظاهر الحياة، وكذلك دول فى المنطقة فعلت الأمر نفسه، مثل السعودية التى عطلت العمرة وزيارة بيت الله الحرام. وفى فلسطين المحتلة رأينا تعطيل زيارة بيت لحم. والعديد من الدول العربية والإسلامية منعت صلاة الجمعة.
اقتراحى إلى الحكومة المصرية أن تدرس بجدية تعطيل الدراسة لمدة أسبوعين متصلين على الاقل، حتى نتأكد من ان الأرضية التى نقف عليها صلبة وسليمة. الاقتراح ليس تشكيكا فى الأعداد أو البيانات التى تصدرها الحكومة أو وزارة الصحة، بل لكى نضمن أن كل شىء على ما يرام.
الاقتراح يستند إلى احتمال ولو كان بنسبة ١٠٪ فقط بأن أجهزة الكشف المتاحة والآلية التى نتعامل بها مع المرض غير كافية للوصول إلى كل المحتمل إصابتهم بالمرض، أو الحاملين له. ثم إن الوعى الصحى لعدد كبير من المصريين، للتعامل مع انتشار فيروس مثل كورونا منعدم أو غير كاف. والأخطر أنهم لا يتعاملون بجدية مع العديد من الأوبئة والفيروسات والأمراض، وأحد أبرز الأدلة على ذلك هو حالة السخرية واسعة النطاق التى يتعامل بها كثير من المصريين على وسائل التواصل الاجتماعى، وبعضهم يرفع شعار: «هتعدى بالبركة ودعاء الوالدين ان شاء الله»!! أو ««إيه كورونا دى اللى نخاف منها؟!». هذه الروح الاتكالية والعبثية والعدمية أحيانا نراها فى التعامل مع العديد من المشاكل والأزمات وآخرها ما حدث مع الأحوال الجوية السيئة التى ضربت مصر والمنطقة يومى الخميس والجمعة الماضيين.
نحتاج فى الأيام المقبلة، ما يشبه التعبئة العامة وحالة الطوارئ، واستنفار كل القوى والجهات الحكومية والاهلية، لمواجهة كورونا، على ان نضع النموذج الصينى امامنا الذى انزل الجيش، والمجتمع بأكمله للشارع لمواجهة الفيروس.
نحتاج تعقيم كل أماكن العمل والتجمعات مرورا بالشوارع نهاية بوسائل المواصلات، اضافة لإجراءات محددة للتقليل من الزحام فى كل مكان.
نحتاج إلى زيادة جرعة التوعية بشأن ما ينبغى على كل شخص أن يفعله فى المرحلة المقبلة، وكيفية التعامل مع الفيروس. أعرف أن شيئا من هذا القبيل موجود، لكن نحتاج إلى زيادة الجرعة وتكثيفها فى كل مكان من أول وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعى، إلى دور العبادة إلى إعلانات الطرق والمواصلات. نحتاج توجيها من وزارة الأوقاف والكنيسة أن تدور خطب الجمعة والمواعظ والدروس الدينية فى المساجد والكنائس، عن أهمية النظافة والوعى الصحى. هذا أمر أهم تريليون مرة من الخطب المكررة والمنقولة من الكتب الصفراء والمنقطعة الصلة تماما عن الحاضر وعن كل ما هو إنسانى.
نحتاج إلى حملات توعية متجولة تحض الناس على التوقف عن العادات السيئة مثل القبلات والالتصاق غير المبرر، والبصق فى الشوارع، وضرورة غسل الأيدى مرارا وتكرارا بعد أن أجمع الكثيرون أن النظافة المستمرة هى العدو الأول للفيروس.
نحتاج فورا إلى مراجعات عاجلة على جميع استعداداتنا الصحية فى المستشفيات الخاصة والعامة والاستثمارية.
علينا أن نفكر فى كل السيناريوهات السيئة قبل الطيبة، علينا أن نفعل كما يفعل العالم المتقدم، ونسأل أنفسنا: إذا لا قدر الله انتشر الفيروس عندنا، كما حدث فى الصين أو كوريا أو إيطاليا أو إيران، ماذا سنفعل؟ وهل لدينا الموارد والمعدات والأجهزة والكفاءات اللازمة لمواجهة ذلك؟!
رب ضارة نافعة، ولدينا فرصة، لنبدأ فى تغيير كل العادات السيئة، والتوقف عن التفكير العشوائى.
مرة أخرى كل ما سبق لا يقلل من جهود الحكومة المصرية، لكن علينا أن نفكر أن فيروس كورونا أكبر من أى دولة وحكومة ونظام. هو أصاب الأقوى والأكبر والأغنى منا بكثير، وبالتالى فليس عيبا أن يصيبنا، العيب فقط أن يعتقد البعض أن إخفاء الحقائق يمكن أن يقتل الفيروس ويجعله يمر، هو الخيار الأسوأ، وهو الأمر الذى جربته دول فى المنطقة، والنتيجة، انها تحولت إلى بؤرة للفيروس!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved