مؤامرة العشرين من يوليو

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 14 أبريل 2009 - 7:07 م بتوقيت القاهرة

 هل تخشى أمريكا ظهور زعيم نازى جديد.. يحمل أطماع إعادة تكوين إمبراطورية عسكرية جديدة ترتدى أفكار أدولف هتلر؟ المشهد السياسى الواضح يقول: لا، فأمريكا أصبحت تمثل القوة العسكرية الأولى فى العالم، لكن المشهد السينمائى يغرد عكس ذلك، فهوليوود ــ وهى تعلم مدى تأثيرها ــ تصر على أن تطرح من قلب أمريكا أفلاما جديدة تكشف التاريخ الدموى لهتلر خلال الحرب العالمية، وتشير لجرائمة الإنسانية لقتل المدنيين وتعذيب وتجويع المساجين، والإعدام الجماعى لأجناس متعددة ضمت اليهود والغجر، بل كان العرب والزنوج على قائمة الانتظار.

الشهادة هذه المرة مررتها هوليوود بذكاء حينما قدمت فيلم «العملية فالكيرى» أو مؤامرة العشرين من يوليو، حيث جاء الرفض لسياسة هتلر من قلب جيشه وعبر أحد كبار ضباطه ويدعى «ستافنبرج» الذى انقلب على أفعال زعيمه وسلوكه ورأى أن ألمانيا يجب أن تتخلص من هذا «العار» الذى يشوه صورتها أمام العالم بسياسة الدمار اللاإنسانى، وسرعان ما يجد حلم الكولونيل الألمانى ــ ودعوته ــ صداه وتنتشر بين كبار القادة ليفكروا جميعا فى محاولة اغتيال الزعيم النازى، لكن المحاولة تفشل فى النهاية ليلقى «ستافنبرج» مصيره هو ومن معه بالإعدام. وهنا فى تلك اللحظة نرى على الشاشة ومع المشهد الأخير كلمات «لا تتحمل العار قادم: ضحِّ بحياتك من أجل الحرية والشرف» وهى رسالة خبيثة، الزمن كفيل بفك رموزها مع مرور الأيام، وكشف المفاجآت التى ربما يفجرها تصاعد الأزمة المالية العالمية واحتكار القوى.

لا أعتقد أن ظهور أكثر من فيلم فى هذا التوقيت يكشف أطماع هتلر وطغيانه ضد دول العالم، والتى اختزلتها هوليود فى معظم الأوقات فى اليهود فقط وكأنهم كل العالم. قد جاء بالمصادفة، وبأنه توارد أفكار مع أننى لست ممن يسعون وراء مبدأ المؤامرة ولكن لماذا هذا الحنين إلى هذه الفترة وتشويه حياة هذا الزعيم النازى وإعادة طرحها من جديد فى صالات العرض بالعالم. إننى أدعو الباحثين لإعادة قراءة أوراق اللعبة من جديد بين المعسكر الألمانى من جهة وبين المعسكر الأمريكى من جهة أخرى، فنجم مثل توم كروز ــ الذى لم نتعود منه على طرح قضايا إنسانية واجتماعية واضحة فى أفلامه ــ تحمس فجاة لتجسيد شخصية الكولونيل الألمانى الذى حاول اغتيال هتلر من جانب إنسانى بحت وهو أن ضميره لم يعد يتحمل أفعال القائد الألمانى وتدميره للبشرية وبالتالى يجب الخلاص من العار والوباء الذى حل بألمانيا حسبما ظل يردد كروز طوال أحداث الفيلم.

لماذا لم يتحمس النجم الوسيم لتجسيد شخصيات من الجيش الأمريكى التى ارتكبت أيضا جرائم حرب فى العراق وغيرها إذا كان يفكر فى فضح سياسات الإبادة وهى العار بعينه. إن فيلم «فالكيرى» افتقد كثيرا من جماليات السينما والمواقف الإنسانية التى قد تحرك للتعاطف معها مثلما حدث فى أفلام عديدة، تناولت ملامح من الحرب العالمية وكواليسها لأنه ركز على الفكرة وانحسر بداخلها بادعاء مكشوف وحوار مباشر وإن فالكيرى فكرة ولدت لتموت مثلما فشلت مؤامرة العشرين من يوليو وإن كنت استشعر أن نزيف هوليوود لن يتوقف عن النحيب على جرحى وقتلى وضحايا هتلر لوأد أى محاولة قدرية أو غير قدرية لميلاد أدولف جديد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved