كيف تسطح شعبًا؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 14 أبريل 2010 - 11:18 ص بتوقيت القاهرة

 فجأة أصبح غالبية المصريين مشغولين هذه الأيام بقضية واحدة لا ثانى لها: من على حق أحمد شوبير أم مرتضى منصور؟!

المسألة تحولت من مجرد خبر ينبغى أن يوضع بدون عنوان أسفل صفحة داخلية إلى قضية تشغل الصفحات الأولى والفضائيات وبرامجها الأكثر مشاهدة الممولة من جيب دافع الضرائب المسكين، وقبل يومين وصلت إلى البرلمان.. ولن نستغرب إذا وصلت الجامعة العربية وربما الأمم المتحدة.

وبما أننى كنت أصنف نفسى فى الماضى كأحد كبار المؤمنين بنظرية المؤامرة فإن سؤالى المباشر هو: من المستفيد من هذا الاهتمام غير المبرر بالقضية؟

لست فى خصومة مع شوبير أو منصور.. وبما أننى زملكاوى فلم أحب شوبير كثيرا إلا عندما كان يحرس مرمى مصر.. كما لم أتعاطف مع مرتضى لأن رأيى المتواضع أنه كان أحد أسباب انهيار الزمالك فى السنوات الخمس الماضية.

سنسأل سؤالا معاكسا: ماذا سنخسر كمواطنين إذا بقيت الخصومة بين الشخصين فقط فى قاعات المحاكم؟. المؤكد أننا لن نخسر شيئا ولكن سنكسب الكثير مثل أن أخلاقنا لن تنحدر، وصغارنا لن يسمعوا الكلمات والعبارات والإيحاءات والألفاظ الخادشة والمشينة التى تضمنتها المعركة غير الشريفة بين الطرفين منذ بدايتها.

حتى هذه اللحظة لا يستطيع المرء فهم سر هذا الاهتمام الغريب بالقضية، وهل اهتمام التليفزيون الرسمى للدولة بها كان فعلا محاولة لطى صفحة الخصومة أم سعيا وراء مكاسب إعلانية أم ماذا؟

رأيى الشخصى المتواضع أنه لو كانت هناك جهة افتراضية تريد تسطيح الشعب المصرى و«تهييفه» فلن تجد أفضل من هذه القضية وأمثالها لكى تشغله بها.

وقبل أن يسارع البعض لاتهامى باعتناق نظرية المؤامرة من جديد عليه أن يفكر فى مجموعة من الأسئلة البسيطة والساذجة من قبيل: أيهما أفضل أن ننشغل بقضية التعديلات الدستورية أم بمدى صدق شوبير فى مكالمته الهاتفية مع محررة الفجر؟.

وهل الأفضل أن نسأل عن كيفية ومن يدير مصر فى هذه اللحظات العصيبة أم نسأل عن لماذا ظل الشيخ خالد الجندى صامتا طوال الحلقة؟!

وما هو المفيد للمصريين أن نطالبهم بالتحرك الإيجابى والسلمى للمطالبة بحياة كريمة ووضع حد أدنى للأجور وفتح التحقيق فى نهب مصر أم عن سر «الوحمة» الموجودة فى جسد هذا أو قدم ذاك؟!

***

قد يحاجج البعض فى أن الاهتمام الإعلامى بالقضية مرده تلبية فضول القراء والمشاهدين، وأن الجديد طوال الوقت مكروه والإنسان يريد بعض التسلية.. قد يكون ذلك مفهوما إذا ظل محصورا فى نطاق موضوعات النميمة.. لكن أن يتحول إلى مقرر إجبارى فذلك الذى يدعو للتساؤل والتعجب!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved