المصطلحات وأحوالها

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 14 مايو 2019 - 10:35 م بتوقيت القاهرة

إحدى المشكلات التى ترتطم بأى باحث هو التعريف، يجهد نفسه فى الوصول إلى تعريف المصطلحات التى يستخدمها بشكل دقيق. بالطبع تختلف التعريفات حسب زاوية رؤية الباحث. ولكن ليس عن هذه التعريفات أتحدث، ولكن يشغلنى مصطلحات تطلق فى المجال العام، ويرددها البعض، وتصبح بمثابة مسلمات.

منذ أيام كنت أقرأ كتابا لباحث انجليزى مرموق يتحدث عن علاقة الدين بالسياسة على الصعيد العالمى. لفت انتباهى انه يتحدث عن أزمة التسميات والتوصيفات فى النزاعات العالمية.

أشار إلى الصراع القديم فى يوغسلافيا حيث تحدث عن أطراف الصراع بالمزج بين القومية والدين، فمثلا تردد فى أجواء النزاع مواجهة الصرب والكروات والمسلمين، فقد جرى تعريف الصرب والكروات بالهوية القومية فى حين أن الصراع بين الأرثوذكس الصرب والكاثوليك الكروات، لم يذكر بالهوية الدينية، فى حين ذكر الصراع بالهوية الدينية مع المسلمين. وفى ذلك بالطبع هيمنة لمصطلحات ترمى إلى إحياء أحقاد تاريخية معينة، وتعطى للصراع غلالة تاريخية وثقافية معينة. نفس الأمر حدث، ولا يزال يحدث فى العراق، الحديث يجرى عن الصراع بين السنة والشيعة، أى بالاستعانة بالهوية المذهبية، فى حين يوصف الاكراد بالهوية القومية، فى حين أنهم مسلمون سنة. وهذا الكلام يعود إلى عهد حزب البعث.

باختصار فإن التنقل بين الهويات فى توصيف أطراف الصراعات مرة دينيا ومرة مذهبيا ومرة عرقيا، الغرض منه تأبيد الصراعات، وإضفاء هوية ثقافية معينة عليها تزيد من اشتعالها.

الملاحظة التى أوردها الباحث مهمة، وتبعث على التفكير بما يحدث فى مجتمعنا، والتى ينبغى أن نكون على وعى من انتشار مصطلحات لها دلالات معينة أو تخلق صورا ذهنية معينة طبقية أو دينية أو ثقافية.

ألمح أحيانا حديثا عن مصطلحات فى الواقع المصرى بدلالات اجتماعية وليس بدلالات جغرافية مثل الحديث عن بعض المحافظات وربما بعض الأماكن لاستدعاء تصورات ذهنية معينة عند الناس، نفس الأمر ينطبق على أندية رياضية أو جامعات أو مصايف معينة، فقد تحولت المصطلحات والتسميات إلى شفرات اجتماعية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved