لماذا ترفع أمريكا سعر الفائدة؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 14 مايو 2022 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

قبل نحو أسبوعين قرر بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى «البنك المركزى» رفع سعر الفائدة بنسبة نصف فى المائة وقبلها فى مارس رفعها بنسبة ربع فى المائة لتصل إلى ١٪. وبعدها قررت العديد من الدول أن ترفع سعر الفائدة فى بنوكها المركزية بنفس النسبة أو أعلى قليلا، ثم انشغل الكثيرون فى التساؤل عن مدى تأثير هذا القرار على اقتصاد بلدانهم ومن الطبيعى أن ينشغل معظم المصريين بمعرفة أثر هذا القرار الأمريكى عليهم وعلى اقتصادهم ومستقبلهم.

بالمناسبة القرار الأمريكى ليس مفاجئا لأن بنك الاحتياط الفيدرالى وبسبب ارتفاع نسبة التضخم بصورة غير مسبوقة منذ ٤٠ سنة أعلن قبل شهور أنه سيرفع سعر الفائدة ثمانى مرات خلال السنوات الثلاث المقبلة لتصل إلى ٣٪؜ وربما أكثر.
وخلال إجازة العيد تابعت نقاشا طريفا ومفيدا على «تويتر» حينما غردت مواطنة مصرية سائلة: «عايزة حد كدة بالراحة خالص وبلغة بسيطة للعوام أمثالى يشرح لنا يعنى إيه الفيدرالى يرفع الفائدة دى، وليه إحنا بنتأثر؟!»
ما فعله مجلس الاحتياط الفيدرالى الأمريكى هو خطوة تاريخية لأن نسبة النصف فى المائة هى الأعلى منذ ٢٢ عاما. وبعد القرار الأمريكى سارعت العديد من البلدان الغنية والفقيرة وما بينهما إلى رفع أسعار فائدتها بنسبة مماثلة مثل دول الخليج وبريطانيا.
الردود على سؤال السيدة كانت كثيرة ومتنوعة ومنهم السيدة «ج. ز» التى قالت فى ردها: ارتفاع سعر الفائدة معناه انخفاض الاستثمار وزيادة البطالة وزيادة التضخم، لأن المكسب من سعر الفائدة سيكون أعلى من المكسب من استثمار النقود المدخرة فى مشاريع صغيرة. ولذلك فإن سعر الفائدة فى بنوك الدول ذات الاقتصاد القوى تقترب من الصفر أو واحد فى المائة، كما هو الحال فى معظم الاقتصادات الأوروبية وأمريكا.
الآن العالم يعانى من حالة ركود منذ فترة طويلة بسبب تداعيات أزمة «كورونا»، وحينما بدأ العالم «يشم نفسه»، فاجأته الحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى تباطؤ فى النمو أو الرواج الاقتصادى مع وجود العملاق الصينى الذى يعتمد اقتصاده على الإنتاج والتصدير ومعه باقى العالم الغربى الذى يشكل أكبر قوة استهلاكية شرائية.
صحيح أن هناك حالة خمول اقتصادى وارتفاع فى الأسعار وزيادة فى البطالة فى الغرب ولكن لديهم اقتصادا قويا يسمح لهم أن يحافظوا على مستوى معيشة شعوبهم إلى حد ما فى ظل هذه الظروف الاقتصادية عن طريق إعانات البطالة والتأمين الصحى ودعم المواصلات وبقية الخدمات وغيرها.
فى هذه الحالة فإن الدول التى تريد زيادة الطلب على صادراتها تلجأ إلى عدة طرق منها خفض قيمة عملتها، كما تفعل الصين، فى حين أن الدول التى تريد المحافظة على عملتها ترفع سعر الفائدة، كما تفعل أمريكا.
طبعا هذه الأمور نسبية، لأنها تتطلب أن يكون لديك اقتصاد قوى من الأساس، ولا يعقل أن يعتقد البعض أن تخفيض العملة يعنى زيادة الصادرات فورا لأن المسألة تراكمية ومتشابكة مع عوامل أخرى.
أعود مرة أخرى إلى كلام السيدة «ج. ز» وهى تقول إن إجراءات تحرير سعر الصرف أو زيادة أو تخفيض سعر فوائد البنوك تندرج تحت الإصلاح المالى وقواعده معروفة ومفهومة.
لكن الإصلاح المالى فقط قد يؤدى إلى نتيجة عكسية وهى ارتفاع الأسعار وزيادة نسب البطالة.
وبالتالى فلكى ينجح الإصلاح المالى لابد أن يترافق مع الإصلاح الاقتصادى، وأحد المداخل الأساسية لتحسين الأوضاع الاقتصادية هى الـ SMA وهى اختصار لمصطلح «المشروعات الصغيرة والمتوسطة» أى تنشيط المصانع والورش الصغيرة ذات رأس المال البسيط والعمالة القليلة.
ما سبق قواعد عامة تنطبق على كل الاقتصادات العالمية ولكن تختلف التأثيرات حسب حالة وقوة كل اقتصاد، وبالتالى فالسؤال الذى يسأله أى مواطن مصرى بسيط هو: كيف سيؤثر ما يحدث فى العالم خصوصا بعد تداعيات كورونا وأوكرانيا وقرارات بنك الاحتياط الفيدرالى الأمريكى علينا هنا فى مصر؟!
سؤال مفتوح على احتمالات كثيرة، نسأل الله أن نتمكن من مواجهة التحديات المتعددة، حتى نمر من هذه المرحلة الصعبة بأقل الأضرار الممكنة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved