«الممر» بين سيناء والنوبة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 14 يونيو 2019 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

يستحق المخرج الكبير شريف عرفة والمنتج هشام عبدالخالق، وكل من ساهم فى إخراج فيلم «الممر» إلى النور أن نوجه إليهم الشكر الكبير، ليس فقط على الفيلم، ولكن أيضا على زاوية محددة أراها ذات أهمية كبيرة.

كتبت يوم الأربعاء الماضى عن الفيلم عموما تحت عنوان «٨ ملاحظات على الممر» وكتبت بعدها تحت عنوان «اصطحبوا أولادكم لفيلم الممر»، واليوم أناقش تركيز الفيلم على أبناء سيناء وأبناء النوبة.

نعلم جميعا المحاولات الأجنبية الدءوبة للعبث بالأمن القومى فى مصر، خصوصا من ناحية الأطراف فى سيناء والنوبة. هذه المحاولات تستغل أوضاعا داخلية صعبة فى المنطقتين لبث الفرقة، وللأسف كادت تنجح، لولا ستر الله.

أحد مزايا الفيلم أنه حفل بالعديد من الرسائل، ومنها تركيزه الواضح على محاولة تصحيح الصورة بشأن أبناء سيناء والنوبة.
ويحسب لمؤلف الفيلم وكل من ساهم فى كتابته أو أشرف على محتواه التطرق إلى هذه النقطة، وبالتالى، فهى رسالة موجهة للأجيال الجديدة، سواء فى سيناء أو النوبة أو الوادى والدلتا.

نعلم جميعا أنه حينما احتل العدو الإسرائيلى كامل سيناء بعد حرب يونيو ١٩٦٧، عمل بكل الطرق على محاولة زرع الفتنة بين أبناء المنطقة وإخوانهم فى الوادى والدلتا. وحاول استمالتهم وإغواءهم بكل الطرق، لكنه فشل فشلا ذريعا.

إحدى الرسائل المهمة التى يركز عليها هذا الفيلم، أنه ما كان يمكن للجيش المصرى أن يكبد العدو الخسائر المتتالية فى حرب الاستنزاف، وتاليا انتصار أكتوبر المجيد، لولا الدور البطولى الذى لعبه غالبية أبناء سيناء.

فى هذا الفيلم هناك دور محورى لـ«أبورقيبة» أحد أبناء سيناء الذى كان دليلا للمجموعة العسكرية المصرية خلف خطوط العدو وهو من كان يقدم لهم الطعام والشراب والأهم المعلومات. قادهم فى دروب وطرق وجبال سيناء، حتى وصلوا إلى خلف معسكر العدو فى سيناء المحتلة وقتها. قبض عليه جنود الاحتلال وعذبوه، لكنه لم يعترف على أبناء بلده. وبعد اعتقاله، لعبت شقيقته نفس دوره. ووقع فى حبها أحد رجال المجموعة، وحينما تم إنجاز المهمة، عادت معه هى وأسرتها وأغلب رجال قبيلتها إلى الوادى ليتزوج منها، فى حين بقى بورقيبة مع بعض رجال القبيلة لمواصلة الحرب مع جنود الجيش.

رسالة السيناوى التى تكررت أكثر من مرة فى الفيلم هى: «لا تنقطعوا عنا ولا تتركونا أو تتذكرونا فقط أثناء المشاكل والهموم».

الرسالة الأهم، هى أن سيناء جزء من الأرض المصرية، وأبناءها لعبوا دورا مهما فى المعركة ضد العدو الاصلى. وما فشل فيه العدو خلال احتلاله لسيناء، يحاول أن يفعله الآن، لكن بطريقة أخرى عبر الإرهاب. يلعب العدو وغيره من القوى المعادية على وتر فصل سيناء وأهلها عن مصر بكل الطرق، وكادوا ينجحون لولا لطف الله. من يدعون أنفسهم «أنصار بيت المقدس» وبدلا من الذهاب لنجدة الأقصى والقدس، استداروا وقتلوا جنود الجيش والشرطة وأبناء سيناء وشيوخهم لأنهم انحازوا لبلدهم.

طبعا لا نلوم العدو وحده، ولا الإرهابيين، ولكن نلوم أنفسنا أولا، لأننا قصرنا كثيرا فى تعمير وتنمية سيناء، مما خلف ثغرة نفذ منها الأعداء وأعوانهم.

ومن سيناء إلى النوبة، ففى أوائل السيتينيات تم تحويل مجرى نهر النيل لإنشاء السد العالى، لكن أحد الأعراض الجانبية لهذا المشروع القومى العظيم، كان تأثيره على معيشة بعض أبناء النوبة، الذين جرى نقلهم من بيوتهم الأصلية إلى أخرى بديلة.

وفى فيلم الممر فإن أحد أبطال المهمة هو الجندى عامر ابن النوبة الذى أصيب بالإحباط بعد الهزيمة، وذهب إلى بلده فى أسوان، وحينما حاول صديقه إقناعه بالعودة للوحدة، قال له: «لماذا أعود، فى حين الحكومة هدمت بيوتنا وشردت أهلنا؟!». لكن صديقه الجندى الفلاح أقنعه وأعاده للوحدة، وانتصر مع إخوانه ضد العدو.

رسالة الفيلم التى ستعيش طويلا، هى أن محاولات الوقيعة بين أبناء سيناء والنوبة من جهة، وبقية الشعب من جهة أخرى، لن تنجح الآن، مثلما لم تنجح من قبل.

لكن وكما نعلم فإن الواقع لا يتغير بالأفلام أو المسلسلات والمسرحيات أو التمنيات فقط، لكن بالسياسات الرشيدة والصحيحة.

نحتاج إلى سد الثغرات التى ينفذ منها أعداء الداخل والخارج سواء فى سيناء والنوبة، أو فى بقية الملفات. وشكرا لكتيبة الممر التى ذكرتنا بأهمية الالتفات لهذين الملفين المهمين فى سيناء والنوبة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved