أهمية الحوار ونتائجه المرتقبة

جورج إسحق
جورج إسحق

آخر تحديث: الثلاثاء 14 يونيو 2022 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

لا تزعجنا الخلافات التى حدثت أخيرا جراء تعيين منسق للحوار الوطنى، ويجب أن نستمع لكل النقد الذى وجه إلى هذا البيان، لأن مرحلة التحضير مرحلة تفاوضية يجب أن نتقبلها برغم الاختلاف معها. يجب أن يشارك فى هذه المرحلة أفراد لهم صلة بالحكومة والحركة الوطنية والحركة المدنية، كما يجب أن تكون النهاية لصالح الحوار رغم كل الخلافات، يجب أن يكون لهم صلاحيات واضحة، مع وجود لجنة للمتابعة وتقييم كل ما يخرج حتى يكون مرجعا لكل أطراف الحوار.
نتمنى أن يكون بداية الحوار فى القضايا التى تشغل المجتمع والقوى المدنية فى مصر؛ كأن تستعاد الثقة مرة أخرى لأفراد الحوار، وأن تكون هناك مؤشرات للبدء بالإفراج عن كل السياسيين الذين لم يرتكبوا عنفا.
لا يمكن أن يحضر هذا الحوار 700 فرد كما جاءت الأنباء الأخيرة، وإن كنا ندعو لاشتراك كل المصريين فى هذا الحوار فيجب أن يكون من خلال السوشيال ميديا.. وأن تكون هناك مؤشرات لمنع الفضائيات من استضافة أى إنسان ليس له خبرة سياسية؛ لكى لا يؤثر سلبا على فعالية هذا الحوار.
هل من المعقول أن فى بداية الحوار يُمنع ثلاثة على رأسهم أنور السادات من الظهور فى الفضائيات؟! هل هذا إجراء طبيعى؟! أم أنه يضع تخوفات كنا جميعا نرتاب فيها، فإقصاء أى طرف سياسى عن المشاركة خطأ فادح. بدأ ظهور بعض أشخاص المعارضة فى المشهد الإعلامى بعد أن كانوا يُتهمون بالخيانة، لذلك يجب أن نرى عدم إقصاء أى طرف.
المطلوب توفير جو آمن فى البداية، وجميع الأسئلة مطروحة ومنها صرف الدولارات فى مشاريع ضخمة دون نقاش مجتمعى أو حتى دراسة جدوى! ولا يكون هناك خجل أو خوف من كل ما يعانيه المجتمع المصرى الآن بعد ثمانى سنوات من إقصاء القوى السياسية، وطرح فكرة إضعاف المؤسسة القضائية، ومناقشة أيضا اعتماد السلطة على أجهزة معينة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية وإطلاق يدها للسيطرة على المجتمع والاقتصاد والسياسة خوفا من أى حركات تضعف الدولة.
يجب إعادة النظر فى السياسات الاقتصادية التى نُفذت سنة 2014، أى أن يكون الشعب المصرى شريكا حقيقيا فى حكم البلاد. فلا يمكن أن نقبل أن تحتل مصر المركز 136 من أصل 139 دولة فى مؤشر سيادة القانون العام سنة 2021.
نحن نؤمن أن الحوار لا يمكن أن يتصدى لكل القضايا، فالقضية الاقتصادية والقروض أصبحت تجعل الاقتصاد يعانى تحت رحمة هذه السياسة، لذلك يجب أن يتضمن الحوار آليات حقيقية لإصلاح النظام السياسى ومؤسسات الدولة. ويكون أساس الحوار هو الحفاظ على الدولة المصرية وأمن المجتمع بكل وسائله وإصلاح المؤسسات السياسية والعامة إصلاحا حقيقيا.
هذه فرصة عظيمة لاجتياز مصر أزمتها الحقيقية، وإن أمكن فإننا نطالب بإذاعة الجلسات على الهواء مباشرة وأن تكون الكلمات محددة.
ومن أهم الموضوعات أيضا التى يجب أن تطرح فى بداية الحوار الحريات والاقتصاد والتعليم والصحة. وقد طرح حزب الإصلاح والتنمية عدة أفكار جيدة يجب الاستماع إليها، وطلب فى تعقيبه أن يعقب الحوار التأسيس لنظام سياسى وعقد اجتماعى جديد بين من يحكم ومن يُحكمون، واحترام الدستور وتطبيق القانون على الجميع خلال نظام قضائى عالٍ ومستقيم، وضرورة تشجيع وتيسير الحصول على تصاريح بإنشاء مواقع إخبارية وقنوات تليفزيونية تحتوى وتناقش جميع الأفكار والآراء دون إقصاء أحد وإتاحة المعلومات، وكذلك مناقشة الميزانية العامة للدولة ومعرفة موقف الهيئات الاقتصادية الخاسرة ومديونياتها خارج الدين الخارجى والمضمونة بمعرفة الخزانة العامة للدولة.
كل هذه القضايا مطروحة للدراسة فى بداية الحوار ونريد أن نشاهد مرة أخرى الإفراج عن المعتقلين وفسح المجال للحريات العامة، وفتح الحوار مع كل الأطراف.
وكذلك مطلوب تنظيم محكم على أسس إدارية وعلمية عالية الانضباط تلتزم فيها أمانة الحوار بالحيدة، كما تلتزم فيها الحكومة بالشفافية، والمعارضة بالدقة والموضوعية، فالشفافية مطلب جوهرى فى هذا الحوار.
من ضمن المقترحات، أن يكون هناك جدول أعمال لمدة ثلاثة أيام بعد أن يتم الحوار الأول، يتحدث ممثل المعارضة ثم الحكومة من خلال مناقشات موسعة، وجلسة أخرى للحريات، وجلسة ثالثة لتلخيص وجهات النظر للحكومة والمعارضة. نتمنى أن تنظر اللجنة الممثلة للحوار الوطنى إلى هذه المقترحات.
هذه فرصة ذهبية يجب ألا تفلت من أيدينا لإصلاح الدولة، ونتمنى أن نرى إفراجات أخرى وكذلك عدم النظر إلى الخلافات بشكل متشائم ولكن بمحاولات هادئة لحل هذه الخلافات ودرء خطرها إبان ظهورها. فالغضب والتشنج فى هذه المرحلة لا يفيد، فكل الأطراف تحمل على عاتقها مسئولية تاريخية إذا لا قدر الله أخفق هذا الحوار، نتمنى التوفيق للحوار الوطنى وتحية لكل من يبذل جهدا لتحقيق نجاحه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved