كارثة فى لقاء رئيس الوزراء

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الخميس 14 يوليه 2016 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

التوصية، التى جاءت خلال لقاء وفد السينمائيين برئيس الوزراء، بفرض ضريبة على كل تذكرة فيلم أجنبى معروض فى مصر لصالح دعم الفيلم المصرى، كارثة كبرى بكل المقاييس، وأعتقد ان كل من ساهم فى هذا الاقتراح إما كاره للسينما واما جاهل، أو فاشل أو خبيث ويلقى فشله على شماعة الاخرين.

يا سادة يا أفاضل هل معاناة السينما المصرية فى السوق المحلى، سببها وجود أفلام اجنبية عالمية فى دور العرض؟! بالقطع لا وألف لا، فوجود اهم افلام السينما العالمية فى دور العرض المصرية واتاحتها فى نفس توقيت عرضها العالمى لهو امر جيد، فهو من ناحية يتيح للجمهور المصرى مشاهدة نوعية مختلفة ومنتقاة من الافلام، ومن ناحية اخرى لخلق نوع من المنافسة لدى صناع السينما المصرية، حتى يجودوا من أعمالهم.

يبدو أن كثيرا ممن يتحكمون فى الذوق المحلى، بفرض نوعية محددة من الافلام، يشعرون ان بضاعتهم رخيصة، ولا يستطيعون الصمود امام نوعية اخرى ثرية فنيا، وبالتالى يخشون من ارتقاء ذوق الجمهور فيهرب شيئا فشيئا من الاقبال على تلك النوعية الرخيصة التى يتذوقها الجمهور المصرى منذ سنوات.

قام موزعو السينما المصرية الذين يحتكرون السوق بمحاولات عدة من قبل لتضيق الخناق على فرص عرض الفيلم الاجنبى فى مصر، بمحاولات تقليص عدد نسخ العرض بمصر، بحجة انها تذيقهم الخسارة، وتؤثر على ملايينهم، وخاصة فى المواسم والاعياد، لكنهم فشلوا فى حربهم، ولم يستطيعوا منع المشاهد المصرى من الذهاب إلى دور العرض لمشاهدة السينما الجميلة، وكم اكون سعيدا للغاية عندما اذهب لمشاهدة احد الافلام العالمية بدور العرض، وأجد الصالة ممتلئة بالجمهور.

يا سيادة رئيس الوزراء لا تتورط فى إصدار مثل هذا القرار وتوافق على فرض ضريبة جديدة على تذكرة الفيلم الاجنبى، ثم إننى اتساءل كيف ستوظف هذه الضريبة لصالح السينما المصرية، هل مثلا ستذهب لبناء دور عرض جديدة، هل ستساهم فى بناء استديوهات، بالقطع لم يخبرك السينمائيون بشىء، لأن هدفهم المستتر هو حرمان المشاهد المصرى من الانفتاح على سينما العالم.

يا سيادة رئيس الوزراء انظر لتجارب دول أخرى اقل منا تاريخا وعراقة وإمكانيات، كيف اصبح انتاجها السينمائى أكثر نضجا وتطورا، كيف نهض صناعها بالفن السابع، وأصبحت فاكهة مهرجانات العالم، وبكل صدق أقول لك، لأنها انفتحت على سينما العالم، وباتت دور العرض بها مليئة بتجارب سينمائية عالمية، انظر كيف اصبحت السينما الايرانية، والمغربية والتونسية والجزائرية وغيرها، انظر حتى اصبحت هذه الدول استديوهات مفتوحة لتصوير الافلام العالمية الكبرى، لقد شاهدت سكوسيزى وهو يروج لفيلمه الجديد بالمغرب، وشاهدت سبيلبيرج، وهو يتجول فى شوارعها يتفقد اماكن تصوير فيلمه الجديد، وشاهدت توم كروز وهو يتحدث عن شغف الجمهور فى دبى لمشاهدة فيلمه «مهمة مستحيلة» الذى صور معظمه بالعاصمة الاماراتية، وكذلك شاروخان الذى يحضر افتتاح افلامه بالعواصم العربية.

يا سيادة رئيس الوزراء تحية كبيرة تستحقها على دعمك الرائع لصناعة السينما المصرية وقراراتك التاريخية لإنقاذها، وموقفك الحضارى لانتشالها من كبوتها، لكنى كنت اتمنى ألا تقع فى فخ خبث بعض صناع السينما وتمرر قرار فرض تلك الضريبة، وكنت اتمنى من المخرج المستنير رفيق درب رحلة يوسف شاهين وتلميذه خالد يوسف الذى حضر هذا اللقاء ألا يوافق على ذلك المطلب، ويعترض عليه، وانا اعرف انه يقدر تماما الانفتاح على العالم، بل وكنت اتمنى ان يتطرق اللقاء لشراكات انتاجية مع شركات عالمية لتصوير أعمال مشتركة تعود بالقاهرة إلى عصر هوليوود الشرق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved