الحركة الإسلامية فى بلاد الشناقطة (1)

حسام تمام
حسام تمام

آخر تحديث: الأحد 14 أغسطس 2011 - 9:34 ص بتوقيت القاهرة

 ما الذى يمكن أن تفعله حركة إسلامية فى بلد كموريتانيا بل وربما ما الداعى لوجود حركة إسلامية فيها من الأصل؟

كانت هذه بعض التساؤلات، التى تلح على وعلى أى وافد على هذا البلد، التى أحسب أنها كانت آخر بلد يظن أنها بحاجة إلى حركة إسلامية! فموريتانيا بلد يضرب فيها الإسلام والتدين بجذور عميقة، فأهله كلهم مسلمون بل ومن أهل السنة وعلى المذهب المالكى، وهى حالة نادرة من التجانس الدينى! كما لم تعرف الدولة الموريتانية ذلك الجدل، الذى شهدته الدول العربية الأخرى بشأن هويتها إذ اتفق أهلها على أنها «إسلامية»، وكتب ذلك نصا صريحا فى الدستور.

هذا من حيث الشكل، أما على مستوى المضمون فحدّث عن إسلام الموريتانيين والتزامهم الدينى ولا حرج!

فالشعب الموريتانى من أكثر الشعوب تدينا. لا تكاد تجد فردا لم يتخرج من «المحضرة» إحدى مؤسسات العلم الدينى التقليدية نادرة المثال، ومن ثم فمن النادر أن تجد من لا يحفظ أجزاء من القرآن (إن لم يختمه كاملا).. وربما كانت موريتانيا من البلاد القليلة التى لا يجرؤ فيها الناس على انتهاك حدود الدين علنا أو يخلوا بالعبادات والشعائر.. ولديهم مثل يقول: أنواع الكفر ياسر ــ أى كثير ــ دون ترك الصلاة!

طوال رحلتى لموريتانيا وأنا أحاول الإجابة على سؤال الوجود.. لماذا حركة إسلامية فى هذا البلد وماذا يمكن أن تفعله أو تقدمه لها؟ وكان أول مفاتيح الإجابة حين وقعت على شريط غنائى أصدرته حركة الإصلاحيين الوسطيين (الإخوان المسلمين) بمناسبة دخولها سباق الانتخابات البرلمانية فى ديسمبر 2006!

الألبوم الغنائى كان يدور حول الانتخابات وأهميتها، وهو ــ فى مجمله ــ يحث الناس على المشاركة فى الانتخابات وأن يصوتوا للتيار الإسلامى.

وفى قضية العلاقة بالفن يعيش المجتمع الموريتانى حالة من الثنائية أو ربما الفصام تستحق التأمل، فهو شعب يحب الطرب ولكن يراه خارما للمروءة، ويقبل على الاستماع له ولكن دون أن يجاوز فكرة المتعة المؤقتة.

وما زال المجتمع متأثرا إلى حد كبير بموقف أهل الزوايا والعلماء التقليديين، الذين يقدمون رؤية دينية متشددة فى مسائل الغناء تذهب إلى تحريمه أو على الأقل النظر إليه باعتباره منافيا لأخلاق التدين، رغم أنهم فى جانب آخرين يجعلون المعرفة بالأصوات الموسيقية من شروط العلم بالقرآن والتلاوة!

فى هذا السياق صاغت الحركة الإسلامية موقفها من الغناء والفن عموما، والذى اختلف عن موقف مثيلاتها من الحركات الإسلامية المشرقية إلى حد التناقض، ففى حين كانت الحركة الإسلامية فى المشرق تنعى على مجتمعاتها ما تطلق عليه «التفسخ» و«الانحلال» والغرق فى مستنقع الفن «الآسن» كانت الحركة الإسلامية الموريتانية ترى نفسها بإزاء مجتمع تقليدى يعيش حال تشدد بل واحتقار للفن.

ودائما ما كانت الحركة الإسلامية تنظر إلى تشدد مؤسسة العلماء والزوايا من الفن باعتباره طبيعيا فى سياق طبيعة المجتمع البدوى والصحراوى، لذلك لم تضع ــ فى بداية نشأتها ــ موضوع تطبيع موقف هذا المجتمع التقليدى من الفن فى سلم أولوياتها ومن ثم لم تفتح ملفه كاملا، فلما قوى عودها، وبدأت الدخول فى مقتضيات بناء الدولة ومنها العمل العام والترشح للانتخابات، بدأت تسعى إلى تقديم نموذجها للتدين الخاص بها، والذى يمكن أن يميزها عن التدين التقليدى المهيمن على المجتمع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved