فينسيا.. ألا يؤلم هذا؟

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الإثنين 14 سبتمبر 2009 - 9:22 ص بتوقيت القاهرة

 من حق السينما المصرية أن تحلم بالفوز بجائزة مهرجان دولى كبير بحجم «فينسيا»، ولكن ليس من حقها أن تنكر أحلام الآخر بنفس الجائزة ولو كان يمثل دولة هى موطن للعداء وللشر والدمار والكراهية.

أتى فوز فيلم «لبنان» للمخرج الإسرائيلى صموئيل موعاز بجائزة الأسد الذهبى ليذكرنا باتساع الفجوة بين أفلامنا وأفلام العالم، بل ويؤكد اتساع هذه الفجوة، فالكل يدرك الآن ــ فى عصر الصراعات الكبرى ــ أن السينما ــ بما تحمله من قضايا ورسائل إنسانية وبما تطرحه من معاناة وآمال ــ يمكنها أن تلعب دورا مهما فى تغيير صورة العالم ونظرياته ورؤيته لواقع ومستقبل البشر، يمكنها أن تعدل من مسار مشاعره وأحاسيسه التى كثيرا ما ضلت طريقها تجاه المعتدى والضحية، يمكنها أن تجذب الآخر لإبداعك وتفوقك فى طرح نفسك وبداخل هذا الطرح قل ما تشاء.. اكشف ما تشاء.. افضح ما تشاء وقدم شهادتك.

وبعيدا عن نظرية «المؤامرة» والانحياز للكيان السينمائى الصهيونى، فإن فوز الفيلم الإسرائيلى يعنى أنه ينطوى على رؤية سينمائية نالت استحسان معظم أعضاء لجنة التحكيم.. وإبداع فاق ما قدمه الفيلم المصرى المنافس فى المسابقة (المسافر).. سواء من حيث الشكل أو المضمون، وهذا لا يقلل من قدر الفيلم المصرى ولكن ما حدث يشعرنى بوجع. فمهرجان فينسيا فتح الجرح الذى نتذكر أنه يؤلمنا، وهو أنه ليست السينما الإسرائيلية وحدها التى تنهض من سباتها وترفع هامتها فى المهرجانات الكبرى، بل هناك أفلام كثيرة تنتمى لدول فقيرة مثل فيتنام، وتايلاند، والهند، وجنوب أفريقيا والفلبين، وإيران، وكلها تقدم سينما متطورة جدا ليس فقط من حيث التقنية بل وفى طرح قضاياها وصراعات مجتمعها ومعاناته وأحلامه، والواقع أن تاريخ السينما لدينا يتجاوز بما لا يقاس تاريخ السينما فى معظم الدول، ويتجاوز تاريخ إنشاء إسرائيل نفسها مرتين..! ألا يؤلم هذا؟

فى كل مرة نحاول فيها الصعود ونخفق، نقول فرصة أخرى، لكن هذه الفرصة لن تأتى أبدا إلا إذا اجتهدنا ووعينا الدرس بعيدا عن النرجسية والإحساس بأن ما نقدمه هو المختلف.. وبعيدا عن أفلام التهريج التى تستهدف المشاهدين داخل السوق المحلى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved