غزوة الزميل هيكل

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 14 سبتمبر 2011 - 11:00 ص بتوقيت القاهرة

 مثل مشاهد زوار الفجر فى أفلام السبعينيات، اقتحمت القوة الأمنية الباسلة مكتب الجزيرة مباشر مصر، على كورنيش النيل بالعجوزة، وهم يهتفون: نحن قوة من وزارة الإعلام للتفتيش.

سألهم الموظفون: تفتشوا على إيه؟ وجاء الرد المفحم: على كل حاجة.

غزوة الجزيرة مباشر هى أول إنجازات وزير الإعلام أسامة هيكل، الذى نقرأ اسمه فقط فى أخبار عن توترات ماسبيرو وتحولاته، دون أن يتحرك شىء واحد فى المبنى التاريخى، الصامد بكل قوة فى وجه أى ثورة أو تطوير لا سمح الله.

تصريح من 174 كلمة للوزير بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الاثنين، يعيد ويزيد فى أن الإجراء مرتبط باحترام القانون، وعلى الجزيرة وغيرها أن تحترم القانون، وأن هناك 950 مراسلا أجنبيا يحترمون القانون، ولن يتم المساس بالقنوت الأخرى التى تحترم القانون ..إلخ. ومن أصل 49 زائرا على موقع «الشروق» قرأوا التصريح وأدلوا بتعليقاتهم، لم يصدق سوى شخصين تبريرات الوزير، ولخص أحدهم، وهو عبدالرحمن، ما حدث بأن «نظام التلاكيك رجع».

هيكل ليس وزيرا بالمعنى القاموسى والسياسى، لكنه مثل باقى الوزراء «محلل» أو منفذ لسياسات أولى الأمر، ورغم أنه أول وزير من أهل المهنة فى عصر الفضاء، إلا أن الإعلام ليس أول همومه بحكم «تركيبة» النظام الراهن. والدليل على ذلك تحذير وجهه الأسبوع الماضى إلى القنوات التى «تهدد أمن واستقرار البلاد».

وزير إعلام بيتكلم كدا، فماذا ترك لزميله وزير الداخلية؟

على نفس النغمة انطلق وزير العدل ليتهم «دولة خليجية صغيرة» بالعبث فى أمن مصر، وإنفاق الغالى والنفيس لتقلق منامنا، وتنكد علينا؟ تساءل الناس: قطر أم الإمارات؟ وبدأوا يقيسون أحجام الدول الخليجية لكى يصلوا إلى «الدولة الصغيرة».

لا تختلف هذه الأجواء عن تصريحات وتبريرات عصر مبارك لكل هجمة على حرية الرأى، وتكميم للإعلام، ولم يكتشف أبناء عصام شرف اللغة التى تناسب مقامهم الجديد بين يدى الشعب هذه المرة، وليس أمام الرئيس الديكتاتور.

أحدهم، وهو مسئول إعلامى برتبة وزير، أبلغ مسئولين بمكتب الجزيرة مباشر مصر أن القناة فى سبيلها للإغلاق، قبل أسبوعين من الغزوة العسكرية، «حتتقفل يعنى حتتقفل»، هكذا تحدث واثقا. والسبب الذى يفكر فيه العاملون فى القناة هو بثها لأى حدث فى شوارع مصر، دون إعداد أو مونتاج. لكننى أضيف أن الجزيرة مباشر مصر أصبحت مقصد الملايين الباحثين عن حقيقة أى حدث فى مصر، والقناة الإخبارية المحلية رقم واحد، فيما تسقط قنوات هيكل إلى مزيد من بحار النسيان والظلمات.

ترويع الإعلام بطريقة الغارة على الجزيرة مهزلة غير واردة فى كتاب ثورتنا وأشواقنا للحرية، وإذا سكت أبناء المهنة فالمزيد من الغزوات المظفرة للسيد هيكل فى الطريق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved