عام المجتمع المدني

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 14 سبتمبر 2021 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان يوم السبت الماضى أن عام 2022 هو عام المجتمع المدنى. يأتى هذا الإعلان بمثابة تقدير من جانب الدولة، ممثلة فى قيادتها السياسية للمجتمع المدنى، ودرءا للشبهات التى أحاطت بالمصطلح منذ ظهوره فى مطلع تسعينيات القرن العشرين. واللافت أن يأتى ذلك فى يوم إطلاق استراتيجية حقوق الإنسان، التى أعلنتها الدولة المصرية فى سابقة هى الأولى، وكأننا بصدد استيعاب لمفهومين طالما ثار حولهما الجدل هما حقوق الإنسان والمجتمع المدنى، وإشارة سياسية مهمة أن الدولة تعزز كلاهما، ولم يعد ينظر إليهما على أنهما أداة تفتيت، أو تدخل خارجى، أو هيمنة غربية. وقد ربط الرئيس السيسى فى كلمته بين المصطلحين بقوله: «ويأتى المجتمع المدنى كشريك أساسى مهم فى عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونشر الوعى بحقوق الإنسان فى المجتمع ونشر ثقافة العمل التطوعى، والإسهام فى جهود مكافحة التطرف والتوجهات المناهضة لقيم مجتمعنا المصرى». ويشير هذا الاقتباس من خطاب الرئيس إلى أن حركة المجتمع المدنى يُراد بها تعزيز جميع مجالات العمل الحقوقى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

بالطبع يحتاج استيعاب حقوق الإنسان والمجتمع المدنى فى نسيج المؤسسات المصرية، والثقافة العامة، والممارسة اليومية إلى فترة زمنية، تطول أو تقصر، حسب الجهد المبذول.
إذا توقفنا أمام مفهوم المجتمع المدنى، فهو حديث نسبيا، لكنه يتحدث عن ظاهرة قديمة فى مصر لأكثر من قرنين وهى الجمعيات الأهلية، وهناك باحثون يعودون تاريخيا إلى الوراء للحديث عن الروابط المهنية، والأوقاف، وغيرها باعتبارها تعبيرا عن العمل الأهلى. أيا كانت الخلفية التاريخية، وهى ليست موضوعنا الآن، فإن المؤكد أن الجمعيات الأهلية أنشأت جامعات ومستشفيات ومشروعات تنموية، وقدمت مساعدات إنسانية وطبية وتعليمية لقطاعات عريضة من المجتمع، وعندما أطلقت الدولة مبادراتها التنموية الكبرى مثل حملة مليون صحة، ومبادرة حياة كريمة، وغيرهما من برامج الحماية الاجتماعية لعبت الجمعيات الأهلية دورا مهما فى دعم هذه المبادرات على أرض الواقع، وتعبئة المستفيدين، والوصول إليهم. من هنا فإن العمل الأهلى هو روح المجتمع، وكلما توسعنا فى البرامج المدنية كان لذلك مردود إيجابى على الانسجام والتجانس والأمان الاجتماعى.

ويتطلب الاحتفاء بالمجتمع المدنى عام 2022، عددا من المبادرات المهمة: منها نقل ثقافة حقوق الإنسان والعمل الأهلى للمؤسسات التعليمية، سواء كانت مدارس أو جامعات، فى شكل مقررات وأنشطة ومبادرات مع المجتمع المحيط، وتفعيل الإدارات القائمة على حقوق الإنسان فى الوزارات المختلفة، وتشجيع مختلف المؤسسات الحكومية أن يكون لها بعض الأنشطة التى تقوم بتنفيذها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى، ويظل على الإعلام دور مهم هو التوقف عن التشكيك فى حقوق الإنسان والمجتمع المدنى، ورسم صور سلبية عنهما انطلاقا من تقييم سلبى لأداء بعض المنظمات المدنية، واعتبارها تعبيرا عن مجتمع مدنى يحوى آلاف المنظمات التى تعمل فى مختلف انحاء البلاد.
الرسالة التى يمكن التوقف أمامها من النقاشات خلال الأيام الماضية أن الدولة المصرية تعلن أنها أولى بحقوق المواطن، وتعزيز روابطه المدنية، ولا تنتظر دروسا أو توجيهات من أحد. هل وصلت الرسالة إلى جميع المؤسسات والهيئات وقواعد المجتمع؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved