فوز الجمهوريين ومستقبل المساعدات العسكرية لمصر

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 14 نوفمبر 2014 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

دفعت نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكى بعض الخبراء المصريين لتوقع انفراجة سريعة فى ملف المساعدات العسكرية لمصر، والتى تتعرض لأزمة مازالت مستمرة منذ تدخل الجيش فى الحياة السياسية فى الثالث يوليو 2013. واعتقد البعض أن فوز الحزب الجمهورى وسيطرته على مجلس الشيوخ، ومن قبله مجلس النواب، كفيلا بدفع إدارة الرئيس الديمقراطى باراك أوباما لتغيير موقفها من تجميد أغلب برامج المساعدات البالغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسى ولم يتم العدول عن هذا القرار بصورة كاملة حتى اليوم.

•••

يتبع انتقال الأغلبية من حزب لآخر داخل فى الكونجرس تغييرا كبيرا فى قيادات اللجان الرئيسية والفرعية المختلفة. ومن أهم تبعات سيطرة الجمهوريين على أغلبية مجلس الشيوخ إزاحة عدد من أهم أعضاء الحزب الديمقراطى فى المجلس لحل محلهم عددا من أهم أعضاء الحزب الجمهورى. وستتم إزاحة السيناتور الديمقراطى (ولاية نيفادا) هارى رييد من رئاسة مجلس الشيوخ ليخلفه الجمهورى (ولاية كنتاكى) ميتش ماكونيل، وينتج عن ذلك تغيير الاهتمامات والأجندات المختلفة لتعكس تفضيلات حزب الأغلبية داخل هذه اللجنة أو تلك.

وستشهد لجنة العلاقات الخارجية التى تضم حاليا عشرة أعضاء ديمقراطيين وثمانية جمهوريين، تغيرات مهمة، فرئيسها الحالى، الديمقراطى (ولاية نيوجيرسى) روبرت ميندنيز، سيترك منصبه للعضو الجمهورى (ولاية تينيسى) بوب كروكر. وسيتغير ميزان القوى المتعلق بعدد الأعضاء، وستشهد دخول عضوين جمهوريين جدد يصاحبها خروج عضوين ديمقراطيين. كذلك ستشهد اللجنة الفرعية المتعلقة بالشرق الأوسط، والتى يرأسها حاليا العضو الديمقراطى تيم كين من (ولاية فيرجينيا)، تغييرا فى عدد أعضائها ليصبح خمسة جمهوريين وأربعة ديمقراطيين، وفى الأغلب ستنتقل رئاسة اللجنة للسيناتور الجمهورى جيمس ريش (ولاية أيداهو).

أما التغيير الأهم فيما يتعلق بالشأن المصرى فى الكونجرس فسيكون داخل لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ والتى ترأسها حاليا السيناتور الديمقراطية (ولاية ميرلاند) باربارة ماكولسكى، وينتظر أن يرأس اللجنة السيناتور الجمهورى (ولاية ألاباما) ريتشارد شيلبى. وتضم اللجنة حاليا ثلاثين عضوا منهم 14 من الجمهوريين مقابل 16 من الديمقراطيين، وستتبدل الأرقام داخل اللجنة مع بدء ممارسة الكونجرس الجديد مهامه فى بدايات 2015. وستركز القاهرة على اللجنة الفرعية لمخصصات المساعدات الدولية ومخصصات وزارة الخارجية لما لها من تأثير كبير على قضية المساعدات لمصر. ويرأس هذه اللجنة حاليا السيناتور الديمقراطى (ولاية فيرمونت) باتريك ليهى، وهو مقدم مشروع قرار وقف المساعدات لمصر، وهو من أهم الأعضاء بالمجلس ممن طالبوا بضرورة تطبيق المبادئ الأمريكية، وعليه يتم تلقائيا وقف المساعدات العسكرية. وينتظر أن يصبح السيناتور الجمهورى (ولاية كارولينا الجنوبية) ليندسى جراهام رئيسا لهذه اللجنة.

•••

بالنظر لهوية وخلفية قادة الحزب الجمهورى داخل مجلس الشيوخ، لا ينتظر أن تشهد قضية المساعدات العسكرية لمصر تغييرا كبيرا فى طريقة تناولها نتيجة تغيير توازن القوى بعد الانتخابات الأخيرة وسيطرة الجمهوريين على الكونجرس. الأعضاء التقليديين على شاكلة السيناتور جون ماكين أو السيناتور ليندسى جراهام من ناحية، أو الأعضاء غير التقليديين ممن لهم تأثير كبير مثل السيناتور راند بول أو السيناتور ماركو روبيو من ناحية أخرى، كلهم دعموا تعليق المساعدات العسكرية لمصر ردا على قرار عزل مرسى.

ومن المفيد هنا تذكر أن الرئيس أوباما قد طلب من عضوين جمهوريين بارزين بمجلس الشيوخ السفر إلى مصر للاجتماع مع قادتها والمعارضة عقب تصاعد الصراع بين الطرفين قبل فض اعتصامات رابعة والنهضة. وأمل جون ماكين وليندسى جراهام وكلاهما عضو بلجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ فى نجاح مساعيهم التصالحية. وفى مؤتمر صحفى عقد بالقاهرة عقب فشل مساعيهم وصف ماكين وجراهام ما جرى لمصر منذ الثالث من يوليو بأنه «انقلاب عسكرى». ثم تنصل كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية من تصريحات ماكين وجراهام.

وتمسك أقطاب مجلس الشيوخ الجمهوريين منهم والديمقراطيين بضرورة تطبيق المبادئ الأمريكية وتوصيف ما جرى على أنه انقلاب عسكرى وعليه يتم تلقائيا وقف المساعدات العسكرية عن الجيش المصرى.

وفى مقال منفصل دعا السيناتور راند بول إلى قطع المساعدات العسكرية عن مصر، وذلك فى مقال نشرته صحيفة واشنطن تايمز. وقال السيناتور راند بول إنه يجب على الرئيس أوباما عدم تجاهل واجبه المتمثل فى ضرورة قطع المساعدات عن مصر، وأضاف أنه لا يجب إرسال مساعدات عسكرية أو بأى شكل إلى دول تشهد انقلابا عسكريا ضد رئيس منتخب، وذلك بموجب القانون الأمريكى الصريح الذى يمنع ذلك.

•••

ويعكس الغرام بالجمهوريين قصورا فى فهم طبيعة ديناميكيات الكونجرس وتوجهات أعضائه ومصالحهم الخاصة، من هنا يحظى أعضاء الكونجرس بمعاملة رسمية غريبة وشديدة التزلف سواء كان ذلك فى القاهرة أثناء زيارات الأعضاء ومساعديهم أو حتى فى واشنطن. وللأسف استثمرت الدولة المصرية الكثير من مواردهما المادية والبشرية فى محاولات خاسرة لكسب «أصدقاء لمصر داخل الكونجرس!».

من ناحية أخرى وطبقا للدستور الأمريكى يتمتع الرئيس بحقوق تفوق ما لدى الكونجرس فى قضايا الشأن الخارجى، ولا تعد قضايا الشرق الأوسط ولا قضية المساعدات المقدمة لمصر استثناء هنا.

ورغم انقسام مجلسى الكونجرس تجاه قضية تقديم المساعدات العسكرية لمصر، من معارضة تجميدها فى حالة مجلس النواب، أو المناداة بوقفها كما نادى مجلس الشيوخ، بقى الرئيس الأمريكى هو صاحب الصوت الأعلى والنهائى فى هذه القضية. من هنا توقفت المساعدات العسكرية لمصر بقرار من الرئيس أوباما وفريقه للأمن القومى، وعاد بعضها، كما حدث فى طائرات الأباتشى، عندما قرر البيت الأبيض، وليس الكونجرس، معاودة تسليم بعض هذه المساعدات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved