«أمْرَكة» أوروبا.. «أوْرَبة» أمريكا

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 14 نوفمبر 2018 - 12:05 ص بتوقيت القاهرة

نشرت صحيف الخليج الإمارتية مقالا للكاتب «حسن مدن» ــ يتناول فيه تصريحات ماكرون حول تأسيس جيش أوروبى، فى إعلان ضمنى عن أن أمريكا أصبحت عدوا للقارة الأوروبية وهو ما اعتبره ترامب إهانة له، وتراجعه عن التصريح بإعلانه عن أن أوروبا سوف تتحمل المزيد من النفقات فى ميزانية حلف شمال الأطلسى.
رغم أن إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، بدا متراجعا عن تصريح سابق له حول ضرورة تأسيس جيش أوروبى لحماية أوروبا، لكن هذا التراجع، الذى يبدو تكتيكيا، لن يقلل من أهمية التصريح نفسه، خاصة أن ماكرون لم يكتف بذكر روسيا والصين كأعداء مفترضين لأوروبا فى نطاق تنازع النفوذ فى العالم، وإنما أضاف إليهما الولايات المتحدة. وهذا، فى حدود ما نعلم، أول تصريح لزعيم أوروبى يضع أمريكا فى خانة الأعداء المحتملين للقارة الأوروبية.
«تراجع» ماكرون جاء بعد لقاء جمعه والرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يزور فرنسا لحضور الاحتفال بمئوية الحرب العالمية الأولى، واستبق ترامب وصوله للعاصمة الفرنسية بتصريح على حسابه فى «تويتر»، كعادته، عبّر فيه عن استيائه الشديد من تصريح ماكرون، قائلا إنه شعر بالإهانة الشديدة منه.
أتى «التراجع» فى صيغة وعدٍ قدّمه ماكرون لترامب بأن يعمل على أن تدفع أوروبا أكثر فى تحمل نفقات حلف شمال الأطلسى، وهو أمرٌ ما انفك ترامب يطالب به علنا، قائلا: «نريد أن نساعد أوروبا لكن عليها أن تكون عادلة. الإسهام حاليا فى العبء يقع بشكل كبير على الولايات المتحدة».
دعوات، لا بل ضغوط، ترامب هذه هى ذاتها التى جعلت الأوروبيين يصحون من غفلتهم، فالولايات المتحدة التى ركنوا إلى دعمها الأمنى والعسكرى منذ الحرب العالمية الثانية، بلغت، فى عهد ترامب، مرحلة وضعتهم أمام تحدٍ لم يخالوا أنهم سيبلغونه يوما: إما أن تدفعوا أو أننا سنتخلى عن حمايتكم. وهو ما حمل أبرز القادة الأوروبيين، وبشكل خاص ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل، على التفكير بصورة جدية فى مسألة أن يكون لأوروبا منظومة دفاعها وأمنها الخاصة بها، كى لا تبقى مرتهنة للابتزاز القادم من وراء الأطلسى.
الحق أن «الحماية» الأمريكية لأوروبا جاءت إحدى نتائج الحرب العالمية الثانية التى خرج الاتحاد السوفييتى منها وهو أكثر قوة ونفوذا، بسبب دوره الحاسم فى هزيمة هتلر، حيث امتدّ نفوذه فى شرق أوروبا حتى بلغ ألمانيا نفسها، وكانت غاية حلف الأطلسى الأساسية هى مواجهة ما حسبه الأمريكان وحلفاؤهم فى غرب أوروبا تهديدا «أحمر» قادما من الشرق الأوروبى.
لم تتغير عقيدة الأطلسى من حيث الجوهر، فالعين ظلت مصوبة نحو موسكو، لكن ما قاله ماكرون يضع جناحى الحلف أمام تحدٍ يبدو جديدا يتطلب تسوية من نوع ما لضمان بقائه فعّالا، فإما أن «تتأمرك» أوروبا أكثر، أو «تتأورب» أمريكا أكثر.

الخليج ــ الإمارات

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved