بايدن وإسرائيل.. الاستمرارية والتغيير

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 14 نوفمبر 2020 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

نشر مركز بيجن ــ سادات للدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتب Eytan Gilboa... نعرض منه ما يلى.

خدم جو بايدن 36 عامًا فى مجلس الشيوخ وثمانى سنوات فى البيت الأبيض كنائب للرئيس باراك أوباما. يرى نفسه ليس أوباما ويأمل، مثله مثل أى رئيس جديد، أن يضع بصمته الخاصة على المجتمع الأمريكى. وبسبب عمره، من المحتمل أن يخدم فترة واحدة فقط، لذلك لن تتاح له فرصة أخرى لتطبيق سياسات جديدة أو تصحيح الأخطاء والإخفاقات.
فى العام المقبل وربما بعده، ستكون أولويات بايدن محلية: التعامل مع جائحة فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية. وبالنسبة للشئون الخارجية سيتعامل معها فقط عندما يكون مضطرًا لذلك وإذا كانت مصالح الأمن القومى على المحك.
قدرته على تمرير التشريعات والميزانيات وتعيين كبار المسئولين والقضاة والدبلوماسيين ستعتمد على تركيبة الكونجرس وعلى الحزب الذى يسيطر على مجلس الشيوخ. وفى 5 يناير 2021، ستجرى انتخابات الإعادة مرتين فى جورجيا. وللسيطرة على مجلس الشيوخ، سيحتاج الديمقراطيون إلى الفوز بكليهما.
متغير آخر سيؤثر على سياسة بايدن هو قوة ما يسمى بالتقدميين. فكثير منهم معادون لإسرائيل بشدة، وقد قاوم بايدن محاولتهم إدخال مواقف معادية لإسرائيل فى البرنامج الديمقراطى. وإذا أراد الحفاظ على الوحدة داخل الحزب ومنع المعارضة، فسيتعين عليه تعيين العديد من هؤلاء التقدميين فى مناصب كبيرة.
يتمتع بايدن بسجل مؤيد لإسرائيل فى مجلس الشيوخ وقال إنه لن ينتقم من نتنياهو لتحالفه الوثيق مع الجمهوريين. لكن العديد من السياسيين المحنكين فى إدارة أوباما مرشحون لشغل مناصب مرموقة فى السياسة الخارجية والأمن القومى فى إدارة بايدن، بما فى ذلك سوزان رايس عن الخارجية ونيك بلينكن كمستشار للأمن القومى، وقد يكونون أقل تسامحًا من بايدن.
سيكون هناك استمرارية فى مقاربة الولايات المتحدة للشئون العالمية والتحالف الاستراتيجى مع إسرائيل. فمن المقرر أن يواصل بايدن الانسحاب الأمريكى من قيادة العالم التى بدأت خلال سنوات أوباما وتكثفت خلال عهد ترامب. حيث لم تعد الولايات المتحدة فى هذا القرن تريد أن تكون «شرطى العالم». إلا أن هذا التوجه قد يمتد إلى الشرق الأوسط، وبالتالى سيؤثر سلبًا على الأمن القومى لإسرائيل. فوجود الولايات المتحدة فى المنطقة يساعد إسرائيل على مواجهة التهديدات، وغيابها سيزيدها.
سيعيد بايدن التعاون الوثيق مع الاتحاد الأوروبى والقوى الأوروبية بعد أن نأى ترامب بنفسه عن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين فى أوروبا، بما فى ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ وهاجم الاتحاد الأوروبى. لا شك أن هذه المقاربة ستضع إسرائيل فى موقف صعب لأن أوروبا تفضل المصالحة مع إيران وتقديم التنازلات لها بشأن الأسلحة النووية ولديها موقف حاسم للغاية تجاه علاقات إسرائيل مع الفلسطينيين.

العلاقات مع إسرائيل
ستكون هناك استمرارية فى جميع العلاقات الاستراتيجية الثنائية مع إسرائيل، بما فى ذلك المساعدة العسكرية، والتنسيق الاستخباراتى، والتعاون الأمنى، والمناورات العسكرية المشتركة، وتطوير أنظمة الدفاع الصاروخى. لن يهدد بايدن إسرائيل بوقف المساعدات العسكرية، كما يطالب التقدميون الراديكاليون، من أجل الحصول على تنازلات للفلسطينيين.
ومن المرجح أن يعيد بايدن النهج التقليدى للديمقراطيين تجاه الفلسطينيين. وقال إنه لن ينقل السفارة الأمريكية إلى تل أبيب، لكنه سيعيد فتح قنصلية فى القدس الشرقية ومكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن الذى أغلقه ترامب. وسيعيد المساعدة الاقتصادية الأمريكية إلى كل من السلطة الفلسطينية والأونروا. سيكرر دعمه لحل الدولتين، وربما يتجاهل خطة ترامب للسلام، كما سيعارض أى ضم أو توسيع للمستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية.
سينظر بايدن فى ملف حقوق الإنسان بسبب النفوذ المتزايد للمعسكر التقدمى الراديكالى والذى يطالب بإعطائهم وزنًا كبيرًا فى الحزب. ولقد نجح الفلسطينيون فى «تسويق» صراعهم مع إسرائيل للعالم من منظور حقوق الإنسان، كما يرى الراديكاليون الديمقراطيون فى دول الخليج أنظمة رجعية ويطالبون الولايات المتحدة بفك ارتباطها بها.
أعاد أوباما الولايات المتحدة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو هيئة سخيفة تديرها دول تعد من أسوأ منتهكى حقوق الإنسان فى العالم. لذلك انتقد ترامب بشدة مجلس حقوق الإنسان وسحب الولايات المتحدة من عضويتها. واتخذ موقفا مماثلا تجاه المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى ووكالات الأمم المتحدة الأخرى مثل اليونسكو. إلا أن بايدن سيتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها مرة أخرى.
كما ستظهر التغييرات فى التوجهات الأمريكية تجاه إيران. فلقد أعلن بايدن أنه سيبدأ مفاوضات مع إيران للتوصل إلى اتفاق نووى جديد ليؤكد أن إلغاء ترامب للصفقة ــ التى وقعها أوباما ــ وفرض عقوبات قاسية على إيران كانا قرارين غير سديدين. لكن ستصر إيران على رفع العقوبات التى فرضها ترامب كشرط مسبق والعودة إلى الاتفاق الأصلى لعام 2015.
قد يبدأ بايدن أيضا برفع العقوبات تدريجيا مقابل تنفيذ القيود التى اتخذتها إيران على نفسها فى الاتفاقية الأصلية. سيكون الهدف على المدى الطويل هو اتفاقية جديدة تمدد «بند الانقضاء» (مدة الاتفاقية) وتفرض قيودًا على القضايا التى تم استبعادها من الصفقة الأصلية، مثل تطوير صواريخ باليستية طويلة المدى والسلوك العنيف فى منطقة. يمكن أن يؤدى هذا النهج إلى خلاف خطير مع كل من إسرائيل والدول العربية السنية.
إلا أن سياسة بايدن تجاه إيران قد تتعارض مع اتفاقيات أبراهام، التى اتفقت فيها البحرين والإمارات والسودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وكان ترامب قد خطط لإضافة دول أخرى. كان أحد أسباب بناء هذا التحالف هو الحاجة إلى احتواء إيران. وأشاد بايدن باتفاقات أبراهام، لكنه قد يجمد توسع التحالف لأنه يتعارض مع رغبته فى التوصل إلى اتفاق نووى جديد مع إيران.
باختصار، ستقدم إدارة بايدن فرصًا وتحديات. على إسرائيل أن تستعد لاستغلال الأولى والتصدى للثانية.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved