مهام نووية أمام مجلس الشعب الجديد

محمد منير مجاهد
محمد منير مجاهد

آخر تحديث: الأحد 15 يناير 2012 - 9:20 ص بتوقيت القاهرة

مع اقتراب احتفالنا بالذكرى الأولى لانطلاق ثورة 25 يناير المجيدة، وانعقاد الجلسة الأولى لأول مجلس شعب منتخب ديمقراطيا وبمشاركة واسعة من الناخبين، تبرز إلى جانب مهمة صياغة دستور جديد للبلاد مهمة حسم موضوع البرنامج النووى المصرى الذى أحالته حكومة عصام شرف إلى المجلس المنتخب لاتخاذ قرار بشأنه.

 

يشكل اعتصام أهالى الضبعة أمام البوابة الرئيسية لموقع المحطة النووية اعتراضا على وجود المشروع وللمطالبة بالحصول على أراضيهم التى أقيم عليها مشروع المحطة النووية، عنصرا مهما من عناصر القضية التى يجب أن يبت فيها مجلس الشعب، ويجب أن أعترف هنا بتعاطفى مع معاناة أهلنا فى الضبعة من تجميد الاستفادة من أرض الموقع فى البرنامج النووى المصرى، وحرمانهم فى نفس الوقت من الحصول على «حقوق واضعى اليد» التى يحصلون عليها عند استخدامها فى أى أنشطة غير حكومية.

 

رغم أننى كنت مديرا للموقع لمدة خمس سنوات، ونائبا لرئيس هيئة المحطات النووية لمدة ثلاث سنوات، ورغم اقتناعى نتيجة لدراسات علمية معمقة بأن المحطات النووية آمنة تماما، ولا تشكل أى خطورة على العاملين فيها، ولا على أسرهم الذين سيعيشون فى مساكن تبنى على موقع المحطة النووية، ولا على المناطق المحيطة بالضبعة، ولا على جمهورية مصر العربية، فإننى أتضامن مع حق السكان فى المناطق المحيطة بموقع المحطة النووية ــ وأى مواقع صناعية أخرى ــ فى أن يتأكدوا من سلامة هذه المنشآت سواء على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل، وقد أهمل العهد البائد تعاليا واحتقارا منه للشعب هذا الحق مما سمح لفلول الحزب الوطنى الطامعة فى استغلال الموقع فى أغراض لن تعود بالنفع على أهالى الضبعة باستغلال معاناتهم للمطالبة بإلغاء هذا المشروع الذى يمثل الفرصة الوحيدة الباقية لإحداث تنمية حقيقية بالساحل الشمالى الذى أهدره النظام الساقط فى شاليهات وقرى سياحية مغلقة لقلة من الأثرياء يستمتعون بها أيام قليلة على مدار السنة.

 

لقد تم استئناف البرنامج النووى المصرى عام 2006 بعد أن اتضحت الأكاذيب التى كان يروج لها أصدقاء إسرائيل من وفرة هائلة فى الغاز الطبيعى للتبرير لعقد صفقات مشينة لتصدير الغاز لإسرائيل، وبعد أن اتضحت عدم قدرة قطاع البترول على توفير احتياجات محطات الكهرباء من احتياجاتها من الغاز الطبيعى بسبب التزامات التصدير، مما ترتب عليه زيادة كبيرة فى فاتورة استيراد المازوت، واستيقظنا على حقيقة أن البترول والغاز هما ــ فى النهاية ــ مصادر ناضبة للطاقة، وأن مصر لا تدخل فى عداد الدول الغنية بهما سواء من حيث الإنتاج أو التصدير أو الاحتياطى، وأن مصر تواجه تحديا كبيرا فى الوفاء باحتياجات الاستهلاك المتزايد وما تفرضه من زيادات مطردة فى مخصصات دعم المواد البترولية، منذ ذلك الوقت قطع البرنامج النووى خطوات هامة بحيث أصبحت كراسة الشروط والمواصفات لمشروع المحطة النووية جاهزة للطرح عند اندلاع ثورة 25 يناير، إلا أن حكومة عصام شرف التى عقد عليها ميدان التحرير الآمال بدلا من أن تمضى قدما فى تنفيذ المشروع أحالت الأمر إلى مجلس الشعب والرئيس المنتخب.

 

●●●

 

بعد استعراضنا لملابسات استئناف وتوقف البرنامج النووى المصرى يبرز التساؤل ما الذى يمكن أن يفعله مجلس الشعب حيال هذا الموضوع، ونرى أن مجلس الشعب يمكنه ويجب عليه أن يفعل الكثير مثل:

 

1- يجب النظر بجدية فى إصدار التشريعات اللازمة لتقدير قيمة التعويضات عن أى ممتلكات يتم نزعها للمصلحة العامة، فقد تم تعويض السكان المقيمين بموقع مشروع المحطة النووية بالضبعة بناء على ما قررته الهيئة المصرية العامة للمساحة وهى الجهة المخولة طبقا للقانون 577 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1991 بتقدير قيمة التعويض المستحق لكل حالة عن المبانى والمغروسات، حيث إن الأراضى مملوكة للدولة، وسواء تم استخدام الموقع فى إنشاء محطات نووية أو فى أى مشروعات أخرى تراها الدولة فلن يعود الموقع لواضعى اليد السابقين، ومن ثم يجب الاستماع لشكاوى الأهالى والعمل على الوصول إلى الحلول العادلة لشكاواهم.

 

2- يجب التأكد من خلال لجان استماع يشارك فيها الخبراء المصريون داخل وخارج مصر، وخبراء دوليون فى مجال أمان المفاعلات النووية إذا لزم الأمر، بالإضافة لممثلين عن الأهالى لاستعراض الحجج المختلفة المتعلقة بأمان المفاعلات النووية، بحيث يطمئن أهلنا فى الضبعة وفى عموم مصر لسلامة اختيار الطاقة النووية لتوليد احتياجاتنا من الكهرباء التى لا غنى عنها للتنمية فى ظل أى نظام سياسى.

 

3- عند التأكد من أمان المحطات النووية يجب أن يصر المجلس على أن تمضى الحكومة بأسرع ما يمكن فى طرح المناقصة العالمية لإنشاء المحطة، وأن يصل معها فى نفس الوقت لتفاهمات ملزمة فيما يخص ما يلى:

 

أ- الالتزام بتعيين عدد مناسب من كل قبيلة من القبائل الموجودة بالضبعة وخصوصا من البطون والعائلات التى كانت تقيم بموقع المحطة النووية.

 

ب- إعطاء الأولوية فى التعيينات بالمحطة النووية لأهالى الضبعة إذا ما توافرت فيهم المؤهلات المطلوبة.

 

ج- إلزام الحكومة بتحديث خدمات مدينة الضبعة بما يناسب إنشاء محطة نووية وجعل هذه الخدمات متاحة لأهالى الضبعة مثل: مدارس حديثة ــ حدائق ومتنزهات ــ مستشفى متطور على مستوى عالمى ــ تحديث خدمات الشرطة والمطافئ والإسعاف ــ دار للسينما ومسرح ــ محال بقالة متطورة ومولات حديثة... الخ.

 

د- إعادة تخطيط مدينة الضبعة بواسطة مكاتب معمارية متخصصة بما يسمح بنمو المدينة بعيدا عن العشوائية والقبح ويجعلها مصدرا للجذب السياحى والصناعى اعتمادا على وجود المحطات النووية بها.

 

هـ- إنشاء فندق لإقامة الخبراء وزوار المحطة النووية بالضبعة بالمشاركة بين الحكومة ورجال أعمال من منطقة الضبعة.

 

4- تبقى نقطة أخيرة أظنها بالغة الأهمية وهى التأثير المحتمل لسيطرة تيارات الإسلام السياسى على مجريات الأمور فى مصر، فمن المتوقع أن تحجم الدول الغربية عن المشاركة فى تطوير برنامج للمحطات النووية فى مصر خوفا من استخدامها فى تطوير سلاح نووى، وقد تسعى هذه الدول لاستغلال حاجة مصر الملحة لهذه المحطات فى الضغط عليها للانضمام إلى البروتوكول الإضافى، وهنا أناشد أعضاء مجلس الشعب ألا يقبلوا التوقيع على هذا البروتوكول.

 

وفى الختام أدعو الله أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير لوطننا الذى يستعد للنهوض من عصر الركود والفساد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved