اللاجئون هنا شئت أم أبيت

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الخميس 16 فبراير 2017 - 1:42 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا لــ«إيشان ثارور» – المتخصص بالشئون الخارجية بالصحيفةــ حول اللاجئين وما يتعرضون إليه من هجوم ورفض لوجودهم يُصعِّب من أزماتهم وذلك من قبل العديد من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن التجاهل من خلال عدد من الدول العربية.

يستهل «ثارور» المقال بأن اللاجئين قد أصبحوا جزءا لا يتجزأ من المواقف السياسية التى يتخذها الكثيرون فى الدول الغربية؛ ففى الحملات الانتخابية تجد المرشحون يتحدثون عن التهديدات التى يتسبب بها هؤلاء اللاجئين بل ويكون ذلك محور حملاتهم وأحاديثهم، إضافة إلى ذلك فهناك عدد من الساسة ممن ينتمون إلى التيارات اليمينية والذين دوما لا يشبهون اللاجئين إلا بالمجرمين والمغتصبين، ولا يكتفون بذلك بل يبادرون بالذهاب إلى وسائل الإعلام من أجل الحديث عن مجازر يلصقونها بهؤلاء اللاجئين، وهى فى حقيقة الأمر لا تعدو سوى مجرد أكاذيب من خيالاتهم.

فيما يتعلق بتعداد هؤلاء اللاجئين، فوفقا للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ــ إحدى أجهزة الأمم المتحدة لحماية شئون اللاجئين فى جميع أرجاء العالم ــ فإنه يوجد حوالى 65.3 مليون شخص حول العالم قد تم إجبارهم على ترك أوطانهم، وذلك يعد أكبر نزوح يقاس من قبل المنظمة عن أى وقت مضى، من ذلك العدد هناك حوالى 21.3 مليون شخص مسجلين رسميا كلاجئين – وهم الذين نزحوا خارج حدود البلاد وليسوا الفارين داخل بلادهم، الأهم من ذلك أن أكثر من نصفهم دون الـ 18 عاما.

فيما يخص الدول التى ينزحون إليها، تشير منظمة العفو الدولية بأن 86% من أعداد اللاجئين يتركزون ببلدان الشرق الأوسط متوسطة الدخل. ينحدر أكثر من نصفهم من ثلاث دول: الصومال، سوريا، وأفغانستان، وأغلبهم لا يعيشون فى الغرب، كما أنه لا توجد لديهم النية حتى الآن للسفر هناك.

من جهة أخرى فبرغم الهيستريا من ظاهرة اللاجئين والتى قد انتشرت مؤخرا بأوروبا وأمريكا الشمالية ــ بما فى ذلك وجهة نظر ترامب فيما يتعلق باللاجئين وتدفقاتهم المستمرة على بلده، فقد جاءت الأعباء الحقيقية لهذه الأزمة فى أفريقيا والشرق الأوسط؛ فحكومات هذه الدول والمنظمات الإنسانية بها قد ظلت تعانى نتيجة للكثير من الضغوط التى تعانيها هناك.

•••

فى نظرة على اللاجئين بعدد من الدول؛ نجد أنه فى لبنان بين كل 5 أشخاص هناك لاجئ، أما فى تركيا فيعكف المسئولون على منح الجنسية التركية لأكثر من 2 مليون سورى يعيشون على أراضيها وذلك من أجل تحمل نفقات إيوائهم وتخفيف النفقات عليهم، ولكن فى كلتا الدولتين – لبنان وتركيا، فقد وقع هؤلاء اللاجئون ــ من السوريين تحديدا، كضحايا لتجارة البشر واستغلال الجماعات المسلحة.

يضيف الكاتب أن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تقول إن هناك 1.9 مليون شخص سوف يحتاجون إلى إعادة التوطين ــ نقل اللاجئين من بلد لجوء إلى دولة أخرى وافقت على قبولهم ومنحهم الاستقرار الدائم ــ خلال العام الجارى «2017»، وذلك يرجع إلى الظروف القاسية التى يعايشونها؛ بأن يكونوا محاصرين مثلا أو لا يتمكنون من تلبية جميع احتياجات ذويهم.

رغم أن الولايات المتحدة قد قبلت الكثير من هؤلاء اللاجئين المعاد توطينهم فى وقت سابق، إلا أنها الآن سوف تأخذ بعددا قليلا منهم من ذلك العدد فيما بعد، كما أنها سوف تخفض أعداد اللاجئين التى تقبلهم سنويا إلى النصف. فى السياق ذاته فمنذ اندلاع الحرب فى سوريا عام 2011 قد تدفق 5.5 مليون سورى إلى الولايات المتحدة، وإلى الآن قد وصل عددهم إلى 20 ألف سورى على أراضيها.

فى هذه الأوقات يسعى الرئيس الأمريكى الجديد «دونالد ترامب» من خلال أمر تنفيذى – المرسوم الرئاسى المكتوب بيد رئيس الولايات المتحدة ــ يهدف إلى تعليق أمر إعادة توطين السوريين إلى أجل غير مسمى. وقد قوبلت هذه الخطوة ــ ومازالت ــ بالذعر والرفض من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان وكبار المسئولين بالمنظمات الدولية.

إن إعادة التوطين تتمثل بنقل اللاجئين من أماكن قد تكون غير آمنة أو جدت ظروف بها تهدد حياة اللاجئين ــ كما ذُكر سابقا، كلبنان على سبيل المثال، إلى أماكن أخرى أكثر أمانا وذات ظروف أكثر ملائمة لحياة اللاجئين، وذلك كما ذكر «فيليبو جراندى» ــ المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فى بيان ألقاه أوائل الشهر الجارى «فبراير»، كما أضاف أنه إذا كنا نريد إضعاف ذلك الملف والمجهود المبذولة فيه ــ كما حدث فى الولايات المتحدة، فذلك يعد مؤشرا خطيرا للغاية فيما يتعلق بالتضامن الدولى للاجئين.

من جهة أخرى تؤكد المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بأن اللاجئين ليسوا مغتصبين ولا يمثلون خطرا على حياة الآخرين، بل على العكس تماما، فلديهم الكثير من الطاقات التى تنتظر من يفجرها ويعطيها الفرصة من أجل المشاركة فى المجتمع الذى تعيش فيه والعمل على مزيد من تقدمه، وليس مثال على ذلك أدل من أن ألبرت أينشتاين نفسه كان لاجئا.

على صعيد آخر فلابد من الإشارة إلى أن اللوم والنقد فيما يخص التخلى عن اللاجئين السوريين والجنسيات الأخرى لا يجب أن يوجه فقط إلى الغرب وأصحاب رءوس الأموال هناك، بل أيضا إلى عدد من الدول العربية ذات الثقل والتأثير وبخاصة المملكة العربية السعودية ــ التى لم توقع حتى الآن على الاتفاقية الدولية الرئيسية الخاصة بوضع اللاجئين، ودول الخليج بشكل عام لعدم بذلهم ما بوسعهم من أجل توفير ظروف أفضل لحماية هؤلاء اللاجئين.

•••

يختتم الكاتب بالحديث عن انطباع أحد المواطنين الأمريكيين عن اللاجئين، وبخاصة حينما يدينون بالإسلام، فيستعرض ما يقوله «جون دوتشر» أحد مواطنى ولاية نبراسكا والذى كان قد أعطى صوته للجمهورى ترامب، فيقول أنه كان يكره المسلمين للغاية، وذلك عقب علمه بأن أحد العائلات السورية سيتم إعادة توطينها بالمدينة التى يقطن بها، ولكن كل ذلك كان قبل مقابلته لجيرانه الجدد، حيث يقول: المسلمون هنا كلهم بمثابة عائلة واحدة ويحبون الجميع، وأنهم قد غيروا قلبه ومشاعره تماما تجاه المسلمين وكل شىء.
إعداد: نهاد محمود
النص الأصلي: https://goo.gl/ED1ZVP

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved