مصر والخيار الليبى

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 15 فبراير 2021 - 7:05 م بتوقيت القاهرة

يبعث المشهد الليبى بعد انتخاب محمد المنفى، رئيسا للمجلس الرئاسى، وعبدالحميد دبيبة، رئيسا للحكومة، نوعا من التفاؤل المحاط بالعديد من التحديات والعقبات التى يتحتم على القيادة الجديدة تخطيها من أجل الوصول بالسفينة الليبية إلى بر الأمان عقب عشر سنوات من الفوضى والانقسامات التى ضربت بظلالها القاتمة على الساحة الليبية، وامتدت تأثيراتها السلبية إلى دول الجوار، وفى مقدمتها مصر.
السلطة الليبية الجديدة تنتظرها مهام عدة ربما يكون أخطرها الإبقاء على حالة الحماس التى انتابت قوى محلية وإقليمية ودولية لإخراج ليبيا من وضع اللا دولة، إلى عهد جديد يعيد الاستقرار إلى بلد نفطى يسيل لعاب العديد من القوى الطامعة فى الحصول على حصة من ثرواته، ودع عنك الحديث الدبلوماسى الذى يصدر عن تلك القوى حول ضرورة استعادة الليبيين زمام الأمور فوق ترابهم الوطنى.
لوحة الشطرنج الليبية تزخر باللاعبين، والهمة الظاهرة، وشبه التوافق الدولى، على استعادة المسار السياسى الليبى، وإعادة ترتيب الأوراق ربما يكون إنعاشا لفشل الأطراف الطامعة فى الحصول على مبتغاها من ثروة النفط الليبى، التى حال الاقتتال الأهلى، وحروب بالوكالة عبر مجموعات المرتزقة، دون تمكن تلك الأطراف من الوصول لغاياتها، وربما، بعد أن طالت المدة، قد حان الوقت لترتيبات إقليمية ودولية جديدة، قد يستفيد منها الليبيون بشكل أو بآخر.
مصر التى تربطها بليبيا حدود تفوق الألف كيلومتر، وروابط اجتماعية، لها انعكاساتها الاقتصادية والسياسية، يهمها فى المقام الأول عودة الاستقرار إلى الربوع الليبية، فقد اكتوت الدولة المصرية، بنيران الجماعات الإرهابية التى اتخذت من ليبيا بؤر انطلاق لتنفيذ مخططاتها الدموية، وبالتالى أى تغيير على الساحة الليبية يضمن لمصر أمنها القومى، ويكف أذى الإرهابيين، لا بد وأن يرحب به.
ولعل تهنئة الرئيس السيسى لرئيس المجلس الليبى الجديد، محمد المنفى، ورئيس الحكومة، عبدالحميد دبيبة، فى اتصالين هاتفيين، رسالة تؤكد تطلع مصر إلى دخول الأشقاء مرحلة نأمل أن تعيد الاستقرار والسلام إلى ليبيا، والتأكيد أيضا على أن الأيادى المصرية ممدودة لجميع الاشقاء بلا استثناء، من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، فالوئام الليبى، خيار مصرى بامتياز، وفى صالح كل المصريين.
الدائرة اللييبة فى دوائر الاهتمام المصرية إقليميا ودوليا، لا بد وأن تكون فى المقدمة، وربما الجهد الذى بذلته مصر فى الأشهر الأخيرة على صعيد استعادة اللحمة الليبية واضح للعيان، فقد ساهم «إعلان القاهرة»، والعديد من الاجتماعات التى عقدها الأشقاء الليبيون فوق التراب المصرى، فى التمهيد لانفراجة جنيف، مع إعادة تأكيد الرئيس السيسى لصناع القرار الجدد فى ليبيا على «مواصلة مصر تقديم الدعم والمساندة لصالح الأشقاء الليبيين سواء على الصعيد الاقتصادى أو الأمنى أوالعسكرى».
الانفتاح المصرى على جميع المكونات الليبية، الذى قد يعتبره البعض تغييرا فى مواقف سابقة، يجب أن يفهم فى إطار إعادة مصر التأكيد على مصالحها القومية، التى لا تتعارض البتة مع جهود إنهاء الأشقاء الليبيين حالة الانقسام السياسى التى دفعنا كمصريين ثمنا لها، وهى صفحة لابد أن نسعى جميعا لطى تأثيراتها السلبية.
بقى التأكيد على أن الترتيبات السياسية الجديدة فى ليبيا قد تسعى أطراف عديدة إلى عرقلتها، وفى مقدمة تلك الأطراف تركيا التى قد تستخدم ورقة إخراج المرتزقة سلاحا للى الأذرع الإقليمية والدولية للحصول على مكاسب، وقد تفتعل أزمات من وقت لآخر، وهو ما يجب أن يعمل الجميع على منعه، وبما يفوت الفرصة على محاولات إفساد سعى الليبيين للخروج من نفق يبدو الضوء الآن واضحا فى آخره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved