رد صحيح.. وغير برىء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 15 مارس 2010 - 9:52 ص بتوقيت القاهرة

 من المرات النادرة التى يجد فيها المرء نفسه متفقا مع الحكومة هو ما أعلنه المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير حسام زكى أمس الأول السبت ردا على ما تضمنه تقرير الخارجية الأمريكية بشأن أوضاع ملف حقوق الإنسان فى مصر، لكنه ليس اتفاقا تاما، بل هو اتفاق إذا خلصت نية الحكومة فيه يرتب عليها التزامات لا تقبل الجدل.

السفير حسام زكى قال بوضوح إن «أى تقارير تصدرها جهات غير مخولة بمراقبة حقوق الإنسان فى مختلف الدول لا تلزمنا بأى حال من الأحوال، وإن المصادر الوحيدة الملزمة لمصر هى تعهداتها الدولية والمعاهدات التى صدقت عليها والقانون الدولى العرفى».

سبب الاتفاق الوحيد مع موقف الحكومة هو اقتناعى اليقينى بأن التقارير الأمريكية بشأن حقوق الإنسان سواء أكانت عبر الخارجية أم الكونجرس أم الجمعيات والمنظمات الحقوقية الخاصة هو أنها فى معظمها أدوات لتحقيق أجندة سياسية ولا يراد بها مطلقا وجه حقوق الإنسان البرىء.

صار واضحا لكل متابع أن أمريكا تضغط بورقة حقوق الإنسان للحصول على مقابل من البلدان المستهدفة، كما حدث فى عهد جورج بوش الابن ثم التراجع عن هذه الورقة فى الفترة الأولى لولاية باراك أوباما الحالية، بعد أن تم الاتفاق سياسيا بين القاهرة وواشنطن.

ويمكن للمرء أن يصدق التقارير الأمريكية بشأن حقوق الإنسان إذا كانت بنفس المنهج والقوة حينما تتعامل مع سرقة إسرائيل لوطن كامل، وانتهاكاتها المتكررة لجنوب لبنان واحتلالها الدائم للجولان.

إذن مع كل التقدير لبعض النوايا الطيبة لدى مراكز حقوقية أمريكية قليلة، فإن الشهادة الأمريكية مجروحة، ويصعب التعامل معها باعتبارها خالصة لوجه الله.

لكن ــ وآه من لكن ــ فإن رد الحكومة المصرية نفسه فى فقرته الثانية يثير الضحك والاستغراب، ويكشف منطق «الحواة» الذى تتعامل به الحكومة.

السفير حسام زكى يقول: نحن ملتزمون فقط بالتعهدات الدولية والمعاهدات والقانون الدولى العرفى.

يا سيادة السفير، فقط نلفت نظر سيادتكم إلى أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948 وصادقت عليه مصر، يحظر التعذيب، ويؤكد على الحرية خصوصا حرية التعبير والتعددية، وألحق بهذا الإعلان أيضا إعلان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. هذه الحقوق منتهكة فى بقاع كثيرة بالعالم ومنها مصر.

لذلك نؤيدكم يا سيادة السفير فى عدم الالتفات إلى الانتقادات الأمريكية بشأن «ملف حكومتكم النظيف» بشأن حقوق الإنسان، لكن ندعوكم فقط إلى تنفيذ نصف أو ربع ما تطالب به الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المحترمة بشأن «ملف حكومتكم غير النظيف».

وبالمناسبة الأمم المتحدة وجهت انتقادات لاذعة للرد المصرى الرسمى قبل أيام على ملاحظاتها بشأن حقوق الإنسان خصوصا استمرار حالة الطوارئ والانتقائية فى تنفيذ الأحكام القضائية.. فماذا أنتم فاعلون؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved