امتحان حقوق الإنسان

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 15 مارس 2021 - 7:10 م بتوقيت القاهرة

لم تتمكن وزارة الخارجية المصرية من تفنيد الانتقادات التى وجهتها 31 دولة من بينها أمريكا وفرنسا لسجل مصر الحقوقى، والتى تضمنها بيان مشترك وقعت عليه كل هذه الدول يوم الجمعة الماضية، خلال اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ففى البيان المضاد الذى أصدرته الخارجية ردا على بيان هذه الدول، بدا الأمر وكأنه «حوار طرشان»، فقد كان كل بيان فيهما يتكلم بـ«لغة» لا يعرفها الآخر، وبـ«أولويات» محل خلاف كبير بينهما، ففى حين كان «البيان الأجنبى» يتحدث عن قلق هذه الدول العميق مما أسمته» لجوء السلطات المصرية إلى قوانين مكافحة الإرهاب ضد الحقوقيين والمثليين والصحافيين والسياسيين والمحامين»، و«اتباعها سياسة التدوير لإطالة فترات الإيقاف للمعتقلين بعد انتهاء المدة القانونية لاحتجازهم عبر حيل إجرائية»، فاجأتنا الخارجية بتجاهل كل هذه الانتقادات، واعتبرت كل ما تضمنه البيان الدولى مجرد أحاديث مرسلة تستند إلى معلومات غير دقيقة، وأنه مجرد مزاعم وادعاءات وأنه يعبر فقط عن توجه سياسى غير محمود، رغم أن البيان الدولى تعرض إلى نقاط محددة لا يمكن أبدا اعتبارها كلاما مرسلا، كان ينبغى الرد عليها وتفنيدها بالتفصيل!


لكن المفاجأة الكبرى التى تضمنها بيان الخارجية تمثلت فى تأكيده على أن ممثل مصر سيسلط الضوء فى كلمته أمام أجتماعات المجلس على الممارسات المعادية لحقوق الإنسان فى هذه الدول، رغم تأكيد البيان فى فقرته الأخيرة على أنه لا توجد دولة فى العالم بإمكانها تنصيب نفسها مقيما أو حكما فى شئون حقوق الإنسان فى الدول الأخرى، دون أن يوضح لنا كاتب هذه البيان تفسيره لأسباب تدخل مصر كـ«حكم» فى شىون حقوق الإنسان فى الدول الأخرى!!
اللغة الخشنة والصياغات العنيفة التى وردت فى كلا البيانين لن تضع حلولا لهذه الأزمة بين الطرفين، ولا بالقطع لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى العالم، فالدول العظمى هى التى تنتهك حقوق الإنسان فى دول العالم الثالث سواء باستغلال ثرواتها الطبيعية، أو بفرض شروط اقتصادية صعبة عليها لكى تحصل على مساعداتها المالية، وهى التى تدبر الانقلابات فيها، وتشعل الحروب بينها لتنشط صناعة السلاح فيها، فى حين تكابد شعوب العالم الثالث من أوضاع اقتصادية مريرة وانهيارات فى الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية تؤثر بالسلب على أوضاع الحريات العامة وحقوق الإنسان بها.


وبانتظار نظام عالمى جديد أكثر عدالة وأقل وحشية، ستظل سجلات حقوق الإنسان موضع اتهامات متبادلة، لكن هناك حدا أدنى من المعايير الديمقراطية أصبح متفقا عليه فى وقتنا الحالى، وهو مجال من الممكن أن تلعب فيه مصر دورا حيويا بالنظر إلى تاريخها القيادى والملهم فى المنطقة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved