كوفيد 19 يخلق عالما ماديا بامتياز

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 15 أبريل 2021 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

بعد عام ونيف من ضربة كوفيد 19 (وباء كورونا)، من حق الناس أن يتعجبوا حول كل ما جرى حولهم وتداعياته سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
الفيروس الذى خرج من الصين منذ عام ونيف، ولم يزن الكائن منه حتى اليوم بضعة جرامات، أصاب الكثيرين فى مقتل، بعد أن جاب العالم بأسره.
مئات الآلاف راحوا ضحية المرض بين حالات الوفاة أو حالات الإصابة، وكانت تلك هى الفجيعة الكبرى فى أكبر وباء أصاب العالم من حيث سرعة انتشاره، وخسائره البشرية التى لا زالت مستمرة، ولا زال الإنسان يعجز عن تقدير أو التنبؤ بموعد محدد للخلاص من تلك المصيبة التى أظهرت قدرة الخالق عز وجل على شل حركة الجميع القوى منهم والضعيف، ووقوف العلم فى عالم الألفية الثالثة عاجزًا عن مجرد المواجهة.
سياسيًا لم تتوقف الصراعات الإقليمية والدولية، ففلسطين على حالها تحت نيران الاحتلال الصهيونى، وأزمتا اليمن وسوريا ومشكلات العراق ولبنان وغرب السودان لم تهدأ، والخلافات بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا وإيران على أشدها.. إلخ.
اقتصاديًا لم يكن الوضع أفضل حالا، انخفضت مجالات الاستثمار، وأغلقت مصانع ومؤسسات، بل ذهبت بعض الدول إلى الإغلاق الكامل لجميع الأنشطة بحظر التجول وحظ السفر والتنقل، فأصبحت أنشطة الأعمال محدودة أحيانًا فى الإنتاج وأحيانًا أخرى فى الطلب عليها، فشحت سلع، وزاد المعروض من أخرى فجاء الركود والكساد الكبير.
اجتماعيًا، كانت النواكب أكبر بكثير. إذ ارتدى الكثيرون أقنعة الوجه، وشكك الناس فى كل من حولهم، خشية أن يصيبهم المرض، فتباعدوا على بعدهم ونفروا من بعضهم على نفورهم.
توقفت عديد الأنشطة الاجتماعية، حجبت الزيارات بين الناس، واندثرت صلة الرحم على اندثارها بسبب مواقع التواصل الاجتماعى بداية، وأصبحت المجاملات بين الناس فى السراء والضراء مجرد رسائل افتراضية.
لا أفراح لا عزاء لا مؤتمرات.. إلخ.
وسط ذلك ظهر الاستغلال فى أبشع صوره بين الناس، فهذا يتاجر فى أقنعة الوجه، وذاك فى الأدوية، والبعض راح يتعامل مع بعض السلع التى روج لها البعض على أنها تزيد مناعة الجسم من المرض، بالغش والغلاء الفاحش.
تدهور التعليم، فأصبح افتراضيا، فخلق لنا جيلا جاهلا على جهله، وخائبا على خيبته، حتى (السناتير) التى ظن البعض إغلاقها ثمرة للوباء، عادت وفتحت أبوابها افتراضيًا، فزاد تجار التعليم ثراء على ثرائهم، مع زيادة جهل الزبائن.
انهارت السياحة تمامًا، وفى بعض البلدان كمصر كانت السياحة أصلا لم تتعاف من الإرهاب. وكل ذلك أدى إلى إغلاق المقاصد السياحية من فنادق وقرى ومزارات وغيرها، فسرح العاملون فى تلك المؤسسات وأصبح الكثيرون لا يخرجون من مضاجعهم إلا للغرف الأخرى فى المنزل. حتى السياحة الدينية التى كان يقبل عليها الملايين فى الحج والعمرة توقفت. والخروج للمساجد أصبح مقيدا رسميًا، فى وقت تركت فيه المقاهى و(الكافيهات)، بلا رقابة فاعلة فى تضارب واضح لقرارات الدولة.
صحيًا، استغل مقدمو الخدمة الطبية الوباء أسوأ استغلال، فراحت بعض المستشفيات تحصل من المريض فى اليوم الواحد نحو 50 ألف جنيه، ومع المستشفيات ارتفع أجر الممرض المرافق للمريض ليصل إلى أكثر من ألف جنيه فى اليوم الواحد.
واحد من أهم السلع والخدمات التى تعرضت للتجارة والمزايدة، إن لم تكن أهمها قاطبة، اللقاحات. إذ باتت الشركات المنتجة تتصارع وتتنافس فى بيع اللقاحات بأثمان مرتفعة، وتعمل على إيصاله عبر سماسرة لا يعبأون بالمتاجرة فى صحة البشر. أبرز ما حدث فى سوق اللقاحات هو حرب الشركات المنتجة، بغرض إجهاض جهد الشركات المنافسة، أملا فى حصد مليارات الدولارات. الشركات راحت تثبت أنها الأفضل، وأن المنافس لها يسبب الوفاة عبر تخثرات الدم والجلطات. الكل أصبح طاعنًا فى الكل، ويبحث عن تجارب تنقذه من ورطته بعد اتهام غيره له، البعض الآخر يركض وراء أخبار الشركات المنافسة عسى أن يحد من مبيعات المنافسين. معظم ما قيل صحيح، هكذا عبر نفر من الأطباء الرافض للقاحات التى لم يأخذ جميعها حظه من التجريب، والذين رأوا أنه من الأفضل الاعتماد على الجهد الذاتى والتحكم فى نوعية الغذاء لرفع المناعة، بدلا من التعرض للهلاك المؤكد من هذه الشركة أو تلك، لا سيما وقد شاهد هؤلاء، وهم ممن ليس لهم مصلحة، الانتكاسات العديدة التى ضربت حتى زملاء المهنة جراء هذا التطعيم أو ذاك.
ربنا هذا حالنا لا يخفى عليك.. وحسبنا الله نعم الوكيل

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved