دعوة للفتنة

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 15 مايو 2014 - 7:30 ص بتوقيت القاهرة

ما بين فتوى يوسف القرضاوى بحرمة المشاركة فى الانتخابات، وتصريح ياسر برهامى عن «التعبدلله بانتخاب السيسى»، يتأكد لنا أنه لا أمل فى الجيل الحالى من قيادات التيار الإسلامى، الموالى منه لحركة 30 يونيو، والمناوئ لها. فمادام هؤلاء الذين يرتدون عباءة عالم الدين يصرون على ابتذال الشريعة الإسلامية واستخدامها مطية لتحقيق أغراض سياسية، فهم يقطعون الطريق على أى حوار عقلانى يمكن أن يفتح الباب أمام تعايش سياسى سلمى بين فرقاء السياسة المصرية.

السيد القرضاوى، رغم كل ما يحمله من ألقاب علمية ودينية، فقد البوصلة الصحيحة عندما اختار تسخير الدين لخدمة أغراض سياسية تُفقِد الدين الكثير من قيمته. فالقرضاوى خرج علينا بفتوى تحريم المشاركة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفتح أبواب جهنم أمام كل من سيشارك فى هذه الانتخابات، رغم أننا أمام عمل سياسى دنيوى بامتياز. ولو أن الرجل دعا إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة على خلفية سياسية، بدعوى أنه لا يعترف بشرعية حركة 30 يونيو التى أسقطت الرئيس الفاشل محمد مرسى وجماعته الأشد فشلا، لحمل كلامه بعض المنطق واستحق الأخذ والرد.

إن فتوى القرضاوى الأخيرة، ليست إلا حلقة جديدة فى مسلسل جرائمه وجرائم من معه من جماعة الإخوان المسلمين، بتحويل الخلاف السياسى على جدارة مرسى وجماعته بالاستمرار فى الحكم، إلى خلاف دينى يبرر القتل والعنف. ولو كانت جماعة الإخوان المسلمين قد اعتبرت التمرد على حكم مرسى بل وإسقاطه مجرد صراع سياسى فاز فيه الخصوم بجولة، وتتبقى منه جولات قادمة، لوفرت على نفسها وعلى الشعب كله هذه المأساة التى نعيشها منذ 3 يوليو الماضى. لكن هذه الجماعة وقياداتها، تصر حتى الآن، على تصوير هذا الخلاف باعتباره معركة بين الحق الذى تمتلكه الجماعة، والباطل الذى يمثله خصومها. وعندما تكون المعركة بين الحق والباطل، تصبح التضحية بالنفس وبنفس الآخر مقبولة وطبيعية.

وإذا كان من بين مبررات خروج المسلمين على نظام حكم جماعة الإخوان فى يونيو الماضى، محاولة الجماعة المتاجرة بالدين من أجل الاستمرار فى السلطة، فإن التيار السلفى الذى اختار الانضمام إلى معسكر 30 يونيو، يأبى إلا أن يكرر الأخطاء، فيخرج علينا ياسر برهامى «المتحدث الأول» باسم الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور لكى يقول «إننا نتعبدإلى الله بانتخاب السيسى»، فى أحدث حلقات «الدجل الدينى»، الذى يستخدمه بعض المحسوبين على المؤسسة الدينية، للترويج للمرشح الرئاس، صاحب الحظ الأوفر فى الفوز عبدالفتاح السيسى.

إن إصرار هؤلاء الأدعياء على ابتذال الدين الإسلامى والمتاجرة به، من أجل تحقيق أغراض سياسية، يرتكبون جريمة كبرى فى حق العباد وفى حق رب العباد. فعندما يرى البسطاء هؤلاء المحسوبين على الدعوة الإسلامية، وبكل ما يحملونه من ألقاب التفخيم والتعظيم واختلفوا كل هذا الخلاف، لن يفقدوا فقط الثقة فيهم وإنما قد يفقدون الثقة فى الدين نفسه. وهنا تكمن الكارثة المخيفة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved