المهاجرات.. الضحايا المنسيات لكراهية الأجانب فى جنوب إفريقيا

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الأربعاء 15 مايو 2019 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للكاتب AIMÉEــNOËL MBIYOZO يتناول فيه موضوع « كراهية الأجانب» فى جنوب إفريقيا والعنف الذى يتعرض له المهاجرون بشكل عام والنساء بشكل خاص، والحديث عن العنف القائم على النوع الاجتماعى باعتباره أزمة وطنية تحتاج إلى إجراءات وتشريعات صارمة للتعامل معها.

كما كان متوقعًا، شهدت الفترة التى سبقت الانتخابات فى جنوب إفريقيا تزايدا مشهودا فى الخطاب السياسى المعاد للأجانب وجرائم العنف ضدهم. وتتجاهل الردود ــ الرسمية وغير الرسمية ــ التجارب المختلفة والتى تنطوى على جرائم عنف ترتكب بسبب الكراهية للنساء المهاجرات، بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر، العنف الجنسى.

عادة ما يتم النظر إلى قضية الهجرة فى جنوب إفريقيا من خلال نظرة ذكورية. إن كراهية الأجانب تسبب فيها الخطاب المدفوع برواية خاطئة مفادها أن الرجال «المهاجرين غير الشرعيين» يمكن أن يتدفقوا إلى البلاد ويحتلوا الوظائف بدلا من المواطنين المستحقين لهذه الوظائف ويرتكبوا الجرائم المختلفة فى جنوب إفريقيا. ويستخدم هذا السرد بدوره لتبرير ردود الحكومة القاسية على موضوع الهجرة.

***
تشير معظم التقارير والتغطيات الإعلامية حول كراهية الأجانب إلى إحصاءات تتعلق بالموت والتشريد وجرائم السلب والنهب وتدمير الممتلكات، ولكنها لا تذكر إلا القليل عن جرائم العنف الجنسى أو العنف المرتبط بالنوع الاجتماعى. ومن الجدير بالذكر أنه فى تقرير صادر عن معهد الدراسات الأمنية عام 2018 حول النساء المهاجرات فى جنوب إفريقيا، ذكرت معظم النساء أن العنف القائم على النوع الاجتماعى أو العنف الجنسى هو أحد أهم التهديدات الرئيسية التى تواجههم.

يتزايد عدد النساء الإفريقيات المهاجرات إلى جنوب إفريقيا بشكل كبير. تقدر إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة أن عدد المهاجرات فى عام 2017 والذى بلغ 1.8 مليون قد زاد بأكثر من أربعة أضعاف منذ عام 2001 حيث كان عدد المهاجرات ما يقرب من 400000. وتشكل النساء الآن ما يقرب من 44٪ من إجمالى السكان المهاجرين. ومعظمهم من إفريقيا. تدفعهم مجموعة من الظروف القاسية للهجرة فيطلبون اللجوء، للبحث عن فرص للعمل، أو التعليم، أو فرصة للعيش فى بلد تحتل فيه المساواة بين الجنسين نسبة عالية. يأتى الكثير منهم يبحثون عن الفرص الاقتصادية والفرص التعليمية والتى ليست متاحة للمرأة فى بلدانهم الأصلية. لدى البعض منهن مستندات هجرة سارية، أو مستندات تتضمن لهن البقاء بشكل مؤقت غير منتظم، حيث يسافر عدد متزايد منهن بشكل مستقل عن أزواجهن أو شركائهن.

إن مسارات هجرة النساء وخبراتهن مميزة ومختلفة عن تجارب الرجال وتنطوى على مزيد من جرائم العنف ضدهن. فنجد أن 80٪ من ضحايا الاتجار بالبشر على مستوى العالم هم من النساء. فالمهاجرات معرضات بشكل كبير لخطر العنف الجنسى والاستغلال والسخرة ومخاطر صحية جمة. وهن أكثر عرضة للعمل فى قطاعات أقل تنظيما وأقل وضوحا.
***
فى جنوب إفريقيا توجد مستويات عالية من العنف القائم على النوع الاجتماعى وجرائم قتل النساء. فى مارس الماضى، وصف الرئيس «سيريل رامافوزا» العنف القائم على النوع الاجتماعى باعتباره أزمة وطنية. وبالطبع النساء المهاجرات لسن استثناء من هذا العنف.
وكشفت دراسة لمعهد الدراسات الأمنية عن العديد من التجارب القاسية والتهديدات بالعنف، خاصة بين النساء المهاجرات غير النظاميات؛ لأنهن من غير المحتمل أن يبلغن السلطات عن مثل هذه الحوادث.. فالمهاجرات تحدثن فى هذه الدراسة عن العديد من تجارب كره الأجانب، بما فى ذلك التحرش الجنسى من قبل موظفى الخدمة المدنية وممثلى الحكومة.

يمكننا القول إنه فى جنوب إفريقيا، تواجه المهاجرات تمييزا «ثلاثيا» وهو كره الأجانب والعنصرية وكره النساء.. وهى عوامل تتداخل مع بعضها البعض. وتتزامن موجة من أعمال العنف ضد الأجانب فى الآونة الأخيرة مع إطلاق الخطة الوطنية التى طال انتظارها لوزارة العدل لمكافحة العنصرية والتمييز العنصرى والتعصب المرتبط بكراهية الأجانب فى 25 مارس الماضى. وينتقد الإعلام والمجتمع المدنى الخطة كونها سطحية وفشلت فى التعامل مع جرائم كراهية الأجانب وأسبابها باعتبارها مشاكل واضحة.

وعلى الرغم من أن برنامج العمل الوطنى يشير إلى كراهية الأجانب والتمييز بين الجنسين، فإنه لا يشير إليهم معًا. إنه يوفر تاريخًا وسياقًا مهمين لأشكال التمييز الأخرى بالفعل. وتبين الخطة العنف القائم على النوع الاجتماعى وضد المثليات والمثليين والمتحولين جنسيا.

***
تمهد مواقف كراهية الأجانب الطريق لبرنامج الحكومة الذى يعاقب المهاجرين، وأكدت الأحزاب السياسية الرائدة فى جنوب إفريقيا الرواية المبالغ فيها حول تهديد المهاجرين «غير القانونى»، والحاجة إلى مزيد من الحدود الآمنة ومنع الهجرة غير الشرعية ووضع قيودا صارمة عليها.

وتتضمن الخطة المستمرة والأكثر إثارة للجدل، والتى يدعمها المؤتمر الوطنى الإفريقى والتحالف الديمقراطى، مراكز تجهيز طالبى اللجوء على الحدود. كما أن هناك بالفعل قيودا قائمة لردع الأشخاص عن طلب اللجوء فى جنوب إفريقيا. وتشمل هذه القيود إغلاق مكاتب استقبال اللاجئين والقيود المفروضة على حقوق طالبى اللجوء فى العمل أو الدراسة أو العمل لحسابهم الخاص.

جميع المقترحات حتى الآن محايدة «جنسانيا» ولا تراعى التأثيرات على النساء أو الأطفال. ومع ذلك، تؤثر السياسات التقييدية بشكل غير متناسب على النساء والمهاجرين المستضعفين الآخرين. وتظهر الدراسات أن تدابير الردع هذه لا تقلل من عدد المهاجرين. حيث إنها ببساطة تدفع المزيد من الأفراد إلى اتباع مسارات الهجرة غير النظامية (غير الشرعية).

إن تعمد إعاقة الأشخاص المستضعفين للبحث عن ملجأ فى أجزاء أخرى من العالم، ليس هذا هو السجل الذى يجب على جنوب إفريقيا السعى إليه مع المطالبة بدعم حقوق الإنسان. النهوض بسياسات وممارسات الهجرة المراعية للاعتبارات الجنسانية يجب أن يكون أولوية لمواجهة المخاطر المتزايدة التى تواجهها النساء المهاجرات.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى

النص الأصلى:

https://bit.ly/2PZXHwq

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved