التمرد خارج الصندوق

أحمد منصور
أحمد منصور

آخر تحديث: السبت 15 يونيو 2013 - 12:14 م بتوقيت القاهرة

يبقى صندوق الانتخابات هو الحكم النهائى لكل الذين ارتضوا ممارسة الديمقراطية أو الشورى الملزمة، وهناك زعامات عالمية كثيرة صنعت التاريخ والحضارة لبلادها، لكن الشعب أعلن عن رفضه لها عبر الصندوق، وقد سبق أن ذكرت كيف أن شخصيات كانت تحظى بحجم كبير من الرضا فى بلادها سرعان ما سحب الشعب ثقته منها.

 

وضربت مثلا بتركيا كيف أن نجم الدين أربكان كان يحظى بنسبة 29% فى الانتخابات التى شكل فيها حكومة ائتلاف مع تانسو تشيلر لم يرض الشعب عن أدائه بعد ذلك فمنحه 2% فقط فى الانتخابات بعد ذلك، وكيف أن بولنت أجاويد رئيس الوزراء التركى السابق كان الشعب قد منحه 27% لكنه حينما لم يرض عن أدائه منحه بعد ذلك منحه 1.5% فقط.

 

وهذا الأمر حدث فى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية رغم أن ونستون تشرشل هو الذى جلب النصر للبريطانيين فى الحرب إلا أن الشعب تخلى عنه فى الانتخابات واختار غيره، ومعظم الحكومات التى تأتى بعد ثورات أو انتفاضات لأنها ترث ميراثا ثقيلا فإن الشعب سرعان ما يغيرها فى الانتخابات التالية.

 

ورغم أن رجب الطيب أردوغان نقل بلاده إلى مصاف الدول المتقدمة إلا أن جزءا من الشعب حينما ثار عليه قال لهم «الانتخابات بعد سبعة أشهر ويمكنكم إسقاطنا عبر الصندوق وليس عبر الفوضى فى الشوارع»، لذلك فإن ما يحدث فى مصر منذ شهر أغسطس الماضى 2012 هو شىء يتجاوز كل الممارسات الديمقراطية ويدخل فى إطار ممارسات تحمل كثيرا من علامات الاستفهام والتعجب.

 

لعلى عبرت عن انتقادى لأداء الرئيس محمد مرسى عبر عشرات المقالات خلال الأشهر الماضية، لأؤكد هنا عدم رضائى عن الأداء السياسى لمن يحكم، وربما الإرث الثقيل وعدم الخبرة والتحديات الداخلية والخارجية تلعب دورا فى هذا الأداء لكن ما تقوم به المعارضة المصرية إن كان هناك معارضة بالمفهوم السياسى للكلمة يؤكد أن هناك من يخطط من وراء الكواليس ويدفع بالمخلصين من أبناء الشعب إلى أتون الفوضى.

 

بعد شهرين فقط من تولى الرئيس محمد مرسى السلطة بدأت سلسلة من محاولات إسقاط النظام خارج إطار الصندوق، عبر إغلاق ميدان التحرير وبث الفوضى والاضرابات المتتالية وقطع الطرق ومحاصرة قصر الاتحادية ومحاولة اقتحامه أكثر من مرة، وتواطؤ جهات من النظام القديم فى الدولة مع أطراف داخلية وخارجية كلها تعمل على عدم استقرار مصر حتى ذكر أن حجم ما تم ضخه من أموال من أجل صناعة هذه الفوضى بلغ ستة مليارات من الدولارات.

 

أين هو ذلك الرئيس فى أى مكان فى العالم الذى استطاع خلال عام من الحكم أن ينقل بلاده من مستنقع الفساد المالى والإدارى والسياسى إلى حالة الاستقرار والنمو؟ أين هو ذلك الرئيس الذى يواجه بعد شهرين من اختياره حركات تعرقل مسيرة الدولة فى الشارع وتقوم بالهجوم على القصر الرئاسى ومؤسسات الدولة لدفعها للتمرد ثم يتهم بالفشل مع ماكينة إعلامية فاسدة ومحرضة؟.

 

إن الحكم على أى رئيس يكون بعد انتهاء مدة رئاسته عبر الصندوق ليقول له الشعب أحسنت فيعيد انتخابه أو أسأت فينتخب غيره أما دفع البلاد للفوضى عبر التمرد خارج الصندوق فإنه جريمة بحق الوطن يجب على كل المخلصين مواجهتها ووضع حد لها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved