ليست مباراة للملاكمة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 16 يوليه 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

جوهر المشكلة الراهنة فى مصر أن البعض يعتقد أنه يمكنه الفوز بالضربة القاضية، فى حين أن المباراة ينبغى ألا تكون فى الملاكمة أصلا، بل أى نوع من الرياضات التى تجعل الفريقين يخرجان متعادلين والأهم أن يشعرا بالرضا.

 

الفريقان الموجودان فى أرض الملعب الآن أو «الميدان» هما رئيس الجمهورية محمد مرسى وخلفه حزب الحرية والعدالة وبقية التيار الإسلامى وقوى وشخصيات ثورية مدنية، وفى المقابل لدينا فى الفريق الثانى المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى لو أعلن أنه اعتزل، ثم معظم القوى والأحزاب المدنية حتى لو ادعت أنها مع الإخوان أو على الحياد ومعهم كل بقايا النظام القديم بحكم تلاقى المصالح.

 

الفريق الأول يقول إن لديه تفويضا شعبيا حصل عليه فى الانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية وبالتالى يحق له أن يحكم وأن ينفذ برنامجه، وعلى الآخرين الانصياع لحكم الصندوق، وأنه لا يمكنه تنفيذ ذلك فى ظل السلطات الممنوحة للمجلس العسكرى والدور «السياسى» للسلطة القضائية.

 

الفريق الثانى يقول إنه حصل على دعم أقل قليلا من نصف عدد المصوتين فى الانتخابات الرئاسية وعلى الفريق الأول الانصياع لحكم القانون.

 

بعد حكمى المحكمة الدستورية بإبطال البرلمان، ثم إعلان محكمة النقض أنها غير مختصة بالنظر فى تفسير هذا الحكم، صار بعض أنصار التيار الإسلامى. يطلب إعلان التحدى وأن يقوم الرئيس بإصدار إعلان دستورى مكمل يبعد فيه «العسكرى» عن كامل المشهد، وعدم الاعتداد بأى حكم يحل اللجنة التأسيسية الثانية لكتابة الدستور.

 

من وجهة نظر هذا الفريق أن للرئيس كامل الحق فى إصدار ما يشاء من قوانين وقرارات بل وإعلانات دستورية، بل من حقه عدم الالتفات إلى حكم إبطال مجلس الشعب.

 

فى المقابل نرى أطرافا فى الفريق الثانى يصل بها التطرف إلى مطالبة الجيش علنا بالتحرك والاستيلاء على الحكم واعتقال الرئيس، وكأننا فى دويلة أفريقية حديثة العهد بالدنيا.

 

كارثة مصر الحقيقية أن هؤلاء المتطرفين فى كلا الطرفين هما الأعلى صوتا والأكثر تأثيرا ويؤمن كل منهما بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة وأن الآخر لابد من إزالته من الوجود تماما، بل لا يوجد أى حل وسط يمكن التوصل إليه.

 

إذا أردنا أن نصل إلى حل فعلينا أن ندرك أننا لا نختلف حول مسألة حسابية بل بشأن مسألة سياسية لا يوجد فيها قول قاطع ولا تحتمل الإجابة بنعم أو لا، بل بربما.

 

تفسير ذلك أن الرئيس يملك نظريا الحق فى إصدار ما يشاء من قرارات وقوانين لكن عمليا هناك حقائق مختلفة على أرض الواقع، والأهم أن المفكر والسياسى الإخوانى الكبير راشد الغنوشى عندما زارنا فى «الشروق» قبل أيام قال إن الفوز بنسبة 51% لا يخولك أن تحكم بمفردك فى المراحل الانتقالية.

 

فى ضوء ذلك يفضل ألا يستمع الرئيس محمد مرسى لمستشارى السوء الذين يمارسون «الزن» على أذنه كل لحظة بضرورة أن يتحول إلى «عنتر» ويذبح القطة، وفى المقابل يفضل ألا يستمع المجلس العسكرى إلى بعض المهووسين والمغيبين عن الواقع الذين يطالبون بأن يسترد السلطة.

 

من المهم أن يدرك الجميع أنه من دون التوافق الحقيقى فسوف نجد أنفسنا نصطدم بحائط صلد والنتيجة أن رءوسنا هى التى ستنفجر والمشكلة لن تحل.

 

قراءة الواقع بالعقل وبهدوء تقول إن المعادلة التى ينبغى أن نتمسك بها أن «طرفا واحدا» لن يستطيع أن يحكم مصر من الآن ولسنوات لا نعلم كم عددها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved