ديكتاتور الهند المنتخب ديمقراطيًا

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الأحد 15 سبتمبر 2019 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة Asia times مقالا للكاتب Shashi Tharoor، نعرض منه ما يلى:

أكملت حكومة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى مائة يوم من ولايتها الثانية. وعلى الرغم من سجل حكومته السيئ، فإن مودى لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة وهو الأمر الذى لا يبشر بالخير للديمقراطية الهندية.
قام مودى مؤخرا بإلغاء المكانة الخاصة لجامو وكشمير المكفولة بموجب المادة 370 من دستور الهند.. وتم اعتقال القادة السياسيين وتعليق خدمات الهاتف والإنترنت بكشمير.. ومع ذلك، معظم الهنود يقدمون الدعم غير المحدود لمودى.
ليس لدى مؤيدى مودى ما يقولونه عن الاقتصاد، الذى يشهد حالة تدهور، والعلاقات بين المجتمعات الدينية المتنوعة، التى لم تشهد سابقا حالة توتر مثلما يحدث الآن. كما فشلت محاولة الهبوط على سطح القمر الذى كانوا يأملون التفاخر بها عشية الاحتفال بالمائة يوم للولاية الثانية.
ما يحظى به مودى من شعبية تحير منتقديه. فمعظم الحلول التى وصفها بأنها «خارج الصندوق» أضرارها كانت أكثر من نفعها. على سبيل المثال، كان قرار إلغاء العملات الكبيرة فى 2016 والذى مثَّل أكبر ضربة اقتصادية للبلاد منذ الاستقلال، ما أثر على ملايين الوظائف وتعطيل التنمية. لكن هذا لا يبدو أنه يزعج معظم الناخبين، الذين يعتبرونه زعيم حاسم، على استعداد لكسر التقاليد ومحاولة إيجاد حلول جريئة لمشاكل الهند المستعصية.
هذا التأييد الذى يحظى به مودى ترك الكثيرين فى حيرة. فهذا رئيس وزراء خالف تقريبا كل المواثيق فى السياسة الهندية. لقد اتهم قادة المعارضة باتهامات واهية وأرسل قوات لملاحقتهم، وعين وزراء أثارت خطاباتهم الخوف فى نفوس المسلمين والأقليات الأخرى، وعمل على تخويف وسائل الإعلام حتى أصبحت الطريقة التى يتم بها تناول الأخبار حول إدارة الرئيس مودى محرجة للديمقراطية الهندية.
علاوة على ذلك، تجاهلت حكومة مودى، لأول مرة فى تاريخ اللجان الدائمة البرلمانية فى الهند، تقليدا لتقاسم السلطة يصبح فيه عضوًا من حزب المعارضة الرئيسى رئيسًا للجنة الشئون الخارجية. بدلا من ذلك، قرر حزب مودى الحاكم بهاراتيا جاناتا أن يتقلد هذا المنصب أحد أعضائه.
بالنسبة للعديد من مؤيدى مودى، فإن مثل هذه العروض الاستبدادية الصارخة ليست مهمة. من وجهة نظرهم، بعد عقود من «الديمقراطية الناعمة» والكثير من الائتلافات الحاكمة، تأخر صعود زعيم هندى صارم. والآن من كان يؤمن بقوة النظام الديمقراطى فى الهند اكتشف أن جذوره ليست قوية مثلما كنا نتصور.
يسيطر على الهند الآن «القومية» التى تمجد كل إنجاز هندى، حقيقى أو وهمى، وتسمى أى معارضة سياسية معتدلة أو أى صور للاحتجاج بـ«المناهض للقومية» أو حتى «الفتنة». لقد تم تقريبا تحويل كل مؤسسة فى الهند إلى أداة فى يد الحكومة.
لا تثير الدهشة تحكم الحكومة فى السلطات الضريبية.. لكن التحكم بالوكالات المسئولة عن التحقيقات المالية، وإنفاذ القانون، وآلية جمع المعلومات الحكومية، وحتى الهيئات المستقلة ذاتيا مثل لجنة الانتخابات والقضاء، تثير المخاوف. فى ظل حكم مودى، المعيار الجديد للنظام الاجتماعى هو السيطرة (من قبل السلطات) والخضوع (من قبل الجميع).
تدهورت العلاقات المجتمعية بشكل كبير تحت حكم حزب بهاراتيا جاناتا.. إن عزل الأقلية المسلمة فى الهند عنيف لدرجة أن بعض المدافعين عن الحكومة اعترفوا بذلك. لمدة 3000 سنة، كانت الهند ملاذا للمضطهدين من جميع الأمم والعقائد. اليوم، ترفض الهند استقبال اللاجئين الروهينجا المسلمين من ميانمار، ونشرت سجلا للمواطنين يستثنى الملايين من المسلمين الذين تم ترحيلهم إلى الهند كلاجئين بعد عام 1971، وأطفالهم المولودين فى الهند. هناك أيضًا الحديث عن إجراءات جديدة تهدف إلى القضاء على قوانين الأحوال الشخصية الذى يسمح للأقليات الاحتفاظ بممارساتها الأسرية، واعتماد قوانين تهدف إلى تقييد النشاط التبشيرى وتغيير الديانات.
أمام أعيننا، يتم تغيير شخصية الهند من قبل الحكومة دون أى اعتبار للمؤسسات والتفاهمات والممارسات التى تم الحفاظ عليها منذ الاستقلال.
بالنسبة للديمقراطيين الليبراليين، إن ما يثير القلق هو احتمالية أن يكون هذا ما يريده الهنود.. وأن يصبح هذا الاستخدام المفرط للقوة والتحكم والقومية هو ما يرغب فيه الهنود.
على أى حال، إذا كانت تعكس المائة يوم الأولى من حكم مودى الذى سيستمر إلى خمس سنوات أى مؤشر، فقد يدل هذا على تبدل فى حال الهند الذى ناضل غاندى من أجل تحريرها.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

http://bit.ly/2lOVDwm

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved