تعقيدات المشهد الليبى

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 15 نوفمبر 2021 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

بتقديم سيف الدين القذافى أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية، يزداد المشهد الليبى تعقيدا، خاصة وأن الانتخابات (الرئاسية والبرلمانية) المقرر إجراؤها فى 24 ديسمبر المقبل تواجه صعوبات عدة، فى ضوء الخلافات والانقسامات الحادة بشأنها، حد مطالبة بعض الاطراف بتأجيلها على الرغم من التحذيرات الدولية، والتهديد بفرض عقوبات ضد من يعرقل هذا الاستحقاق المهم.
اختيار سيف القذافى الظهور فى مقر مفوضية الانتخابات بمدينة سبها مرتديا عباءة وعمامة تماثلان ما كان أبيه يرتديه إبان سنوات حكمه الممتدة، فى نظر مراقبين، يزيد من الانقسامات بين المكونات الليبية سواء فى الغرب أو الشرق، وهى الانقسامات التى لعب عليها سيف القذافى للعودة إلى المشهد الليبى مقدما أوراق ترشحة للجلوس على قمة هرم السلطة، فى مفارقة تاريخية ربما لم تكن فى الأذهان غداة الاطاحة بالقذافى الأب عام 2017.
ترشح القذافى الابن للرئاسة سيمر، طبعا، بمراحل قانونية وإجرائية ربما تقصيه عن الانتخابات، وهو الملاحق بقضايا محلية ودولية بتهم «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، لكن قبول أوراق ترشحه، ومنحة بطاقة انتخابية، يعكس فى حد ذاته مدى التغيير فى الساحة السياسية الليبية التى سمحت بعودة سيف القذافى إلى الواجهة بعد أن كان أسيرا فى أيدى غرماء ربما أساءوا معاملته فى بداية احتجازه لديهم، وقبل تسريحه فى صفقة تظل ظروفها غامضة حتى الآن.
على كلٍ ترشح سيف القذافى للرئاسة ليس وحده ما يربك الاستحقاق الانتخابى، الذى يبدو أن تعقيداته لن تنتهى بسهولة، فرئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة، والطامح لرئاسة البلاد، أضاف بدوره توترا على المشهد عندما رهن تسليم السلطة بإجراء «انتخابات نزيهة وتوافقية» تتوفر لها «ضمانات»، بدعم سياسى ومراقبة دولية.
الشىء نفسه تقريبا ما طالب به رئيس المجلس الليبى محمد المنفى الذى قال إن «المجلس الرئاسى سيسلم السلطة لأول جسم منتخب، إذا استطاعت مفوضية الانتخابات إجراء انتخابات متزامنة برلمانية ورئاسية، مع ضرورة حل النقاط الخلافية»، مشيرا إلى «عدم وجود أى اختلاف على موعد الانتخابات، فكل الليبيين متفقون على ذلك، ولكن نؤكد على صحة العمل التوافقى، وعلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإجراء انتخابات بضمانات حقيقية يقبل بها الجميع».
كلا الرجلين، الدبيبة والمنفى، طالبا «بتوفير ضمانات» وهو تعبير مطاطى يمكن الاختلاف عليه عند اللزوم فى ضوء أن أطرافا أخرى دعت صراحة إلى تأجيل موعد الانتخابات لمدة ثلاثة أشهر، يتم خلالها تغيير قانون الانتخابات وحل عدد من النقاط الخلافية، وربما تزداد هذه الخلافات بصعود المشير خليفة حفتر إلى واجهة الأحداث مع توقع دخوله حلبة المنافسة الرئاسية فى الأيام المقبلة.
المجتمع الدولى أو الغربى بالأحرى، ربما كان واضحا فى مؤتمر باريس عندما هدد بفرض عقوبات على من سيعرقلون إجراء الانتخابات الليبية فى موعدها، حيث أكد البيان الختامى على ضرورة التزام جميع الأطراف الليبية بإجراء الانتخابات المقررة فى 24 ديسمبر 2021، وقبول نتائجها، محذرا من «مساءلة من يتورطون فى عرقلة أو التلاعب فى الانتخابات، وتسليم السلطة على نحو ديمقراطى للسلطات والمؤسسات المنتخبة الجديدة».
هذا الموقف الواضح الذى عبر عنه الغرب بشأن الانتخابات لم يكن بهذه الصراحة مع ملف أكثر تعقيدا، والخاص بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، إذا لم يسمِ البيان الختامى لمؤتمر باريس الأشياء بمسمياتها، واكتفى بالدعوة لإخراج هؤلاء من دون تحديد إلى أية جهات ينتمى المرتزقة، أو من أى بلد جاءت القوات الاجنبية؟، كما لم يضع أية جداول زمنية لإخراج تلك القوات.
خروج المرتزقة والقوات الأجنبية معضلة كبيرة، ويعول الجميع على انتخاب حكومة ليبية قوية وموحدة قبل التعامل بجدية حقيقية مع هذا الملف، فهو أشبه بعش دبابير ستكون لدغاته مؤلمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved