دعوة إلى التمسك بالحقوق والحريات والدفاع عن حقوق الإنسان المصرى

على السلمي
على السلمي

آخر تحديث: الأربعاء 17 يناير 2018 - 1:39 م بتوقيت القاهرة

من المميزات الرئيسة لانتماء الإنسان إلى وطن ما، هى العيش متمتعا بحريات وحقوق يكفلها دستور وقوانين ذلك الوطن، والتزامه بأداء واجبات وتحمل مسئوليات فى سبيل حماية وطنه والذود عنه وتأمين استقراره وبقائه. وينعم المصريون بوطن هو من أقدم الأوطان، فلذا تعتبر الحضارة المصرية من أقدم الحضارات فى العالم التى تمتع أبناؤها بالحريات والحقوق وتحملوا مسئوليات وطنهم وحافظوا بذلك على استمرار الوطن لآلاف السنين. 

الحريات والحقوق العامة للمواطنين ليست منحة من حاكم أو مسئول...

بل هى حقوق مشروعة للمواطن لا يجوز الانتقاص منها أو تعطيلها حتى ولو بالقانون! وقد جاءت المادة رقم 92 من دستور 2014 لتنص على مبدأ رئيس أن «الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا. ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها».

ويضم الدستور المصرى بابا به سبعة وأربعون مادة تفصل الحريات والحقوق المفروض أن ينعم بها المصريون والواجبات التى يتحملون مسئولياتها، منها أن الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها. كذلك يحظر الدستور التعذيب بجميع صوره وأشكاله باعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم. ويؤكد الدستور على المساواة بين المواطنين أمام القانون وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، وأنه لا تمييز بين المواطنين بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر، وأن التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، ويؤكد الدستور أن الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، كما يؤكد الدستور أن للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون. كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بجميع أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك.

وينص الدستور أن للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله فى الأحوال المبينة فى القانون، وبالكيفية التى ينص عليها، ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها، واطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن.
ومن مبادئ الدستور أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها.

***

تلك النصوص الدستورية وغيرها تعتبر تنظيما شاملا للحقوق والحريات التى يجب أن يتمتع بها المصريون دون عائق فهى إن تحققت لكان المصريون أسعد سكان الأرض قاطبة، وهى ترسم صورة زاهية لمجتمع يتمتع بحقوق وحريات يجرم الدستور ويحرم الانتقاص منها ويلزم الدولة بصيانتها وعدم المساس بها. كذلك فإن تلك النصوص تصف الحريات التى من المفروض أن تكون حقا للمصريين لا تهاون فى حمايتها ولا تنازل عنها فى أى حال.

ولكن كما قال أبو الطيب المتنبى:
[مَا كلُ ما يَتَمَنى المَرْءُ يُدْرِكُهُ تجرِى الرياحُ بمَا لا تَشتَهى السفُنُ]
وبالمثل نقول: [مَا كلُ ما يَتَمَنى المصرىُ يُدْرِكُهُ تجرِى الرياحُ بمَا لا يشتَهى أهل الحكم]، فنحن نرى إهدار تلك المواد الدستورية إما بعدم التفعيل من الأساس وإما بالتعطيل والمراوغة، والنتيجة واحدة هى غياب حريات وحقوق الإنسان المصرى التى كان ينص عليها الدستور!!!!

والحال كذلك، فإن المصريين وبعد سبع سنوات من ثورة 25 يناير وبعد إقرار دستور 2014 لا يزالون يطالبون بالحق فى نصيب عادل من ثروة وطنهم والمشاركة بالعدل فى عوائد التنمية وأن تكون لهم الكلمة الأعلى فى شئون وطنهم باعتبارهم أصحابه الحقيقيين من دون وصاية أو استعلاء من الحكام، وأن يتمتعوا بمسكن ملائم، ومياه شرب نظيفة، وشوارع آمنة، وخدمات تعليم وصحة مقبولة، وفرص عمل حقيقية.

فهل هذا كثير.. ودستور يا أسيادنا.. فهل من مجيب؟

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved