فى الطريق إلى برنيس

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 16 يناير 2020 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

فى الثالثة والنصف من فجر يوم الأربعاء الماضى، تحركت من منزلى قرب السيدة زينب إلى أحد المطارات العسكرية شرق القاهرة، وفى الخامسة فجرا كانت تنتظرنا طائرة عسكرية من طراز س ١٣٠. صوتها لا يطاق، ومقاعدها تشبه مقاعد ميكروباصات فيصل والهرم، والحى العاشر بمدينة نصر، والطريف أن عدد الواقفين فى الممر كان يقترب
من عدد الجالسين على الكراسى.وفي رجلة العودة قلت لنفسي" كان الله فعلا فى عون ضباط وجنود وأفراد القوات المسلحة الذين يتعاملون مع هذه الطائرات وأمثالها بصورة منتظمة".
داخل هذه الطائرة كان غالبية رؤساء التحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف المصرية وعدد من مقدمى البرامج التليفزيونية والزملاء محررى رئاسة الجمهورية.والملاحظة الملفتة للنظر هى غياب العنصر النسائى تقريبا، ربما بسبب التوقيت المبكر جدا وصعوبة الرحلة.
فى الخامسة فجرا تحركت الطائرة، من القاهرة ،وهبطت فى السابعة صباحا فى قاعدة برنيس العسكرية فى محافظة البحر الأحمر.المكان يبعد شمالا عن الحدود السودانية نحو ٣٥٠ كيلومترا، ونحو ٣٠٠ كيلو متر جنوب مدينة سفاجا.
الطقس فى هذه المنطقة شديد المثالية فى مثل هذا الوقت من العام، غالبية الزملاء كانوا يلبسون ملابس ثقيلة، لكنهم وجدوا أن الشمس مشرقة. المكان سياحى بامتياز، وأتوقع له مستقبلا سياحيا مذهلا، ينافس شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم ،القريبة من المكان. وهناك قرى سياحية بدأت فى استقبال سائحين بالفعل على بعد ٣٠ كيلومترا.
بجوار القاعد العسكرية هناك مطار مدنى، سيكون مسهلا جدا لاستقبال السائحين، ويتسع لثمانى طائرات بطاقة ٦٠٠ راكب فى الساعة.
الطبيعة فى هذه المنطقة خلابة بشكل لا يصدق، سلسلة من الجبال الشاهقة أسفلها مساحات مستوية من الأرض. حتى القاعدة العسكرية موجودة فى مكان محصن بصورة طبيعية، وفى الجوار مباشرة البحر الأحمر، بمياهه الصافية، والثروة السمكية الكبيرة . حكى لى أحد كبار الضباط الذين كنت أجلس بجانبهم عن أن البعض يأتي فى رحلات صيد منتظمة تستمر أياما؛ حيث توجد أنواع مختلفة من الأسماك.
هذه المنطقة كانت موحشة للغاية حتى قبل سنوات قليلة، لكن حجم التنمية فيها صار ملحوظا، والمدخل الرئيسى لعمرانها كان شبكة طرق عامة طولها ٤٠ كيلومترا، وشبكة طرق داخل القاعدة، تصل إلى ١١٠ كيلومترات، إضافة بالطبع إلى طريق رئيسى يربط بين أسوان والمنطقة. هناك أيضا مخرات للسيول .اتقاء لغضب الطبيعة فى الفترة من أغسطس إلى نوفمبر.هناك أيضا محطة لتحلية المياه، لأن المياه العذبة لم تكن تصل إليها، وهناك تفكير فى نقل خط للمياه العذبة من أسوان.
والرهان الأكبر بالطبع فى هذه المنطقة أن يتم اكتشاف الثروة النفطية سواء كانت بترولا أو غازا طبيعيا بعد بدء البحث والتنقيب بواسطة شركات عالمية كبيرة.
المكان مبشر جدا، ويمكن مع مزيد من الاهتمام، ليس فقط من قبل الدولة، ولكن من قبل كبار المستثمرين، أن يتحول إلى نقطة جذب سياحى واقتصادى كبيرة جدا.
فى الخامسة مساء تركنا هذا المكان، وعدنا مرة أخرى إلى المطار، وركبنا نفس الطائرة؛ حيث كانت المعاناة أكبر فى رحلة العودة، لأنها اتجهت إلى شرم الشيخ، وظلت فى المطار لأكثر من ساعة، ثم عادت للقاهرة، لتصل إلى المطار فى العاشرة مساء تقريبا،في رحلة استمرت قرابة العشرين ساعة،ولم يسبقها نوم معظم المشاركين.
كانت رحلة شديدة الصعوبة، لكن ما شاهدناه فى المنطقة من امكانيات، وفى افتتاح القاعدة العسكرية والمناورة الجوية، كان مختلفا ومبشرا، وبعث برسالة أساسية للجميع أن مصر وقواتها المسلحة ،قادرة على حماية حدودها سواء كانت برية أو بحرية، وعلى ثرواتها الاقتصادية وعلى حقها الطبيعى فى مياه النيل.تفاصيل هذه الرسالة هي حديث الغد ،ان شاء الله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved