«صيام» حول النيل!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 16 أبريل 2021 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

الأزمات والتحديات الضخمة التى تمر بها أى دولة، تعد فرصة مناسبة جدا لإجراء عملية فرز حقيقية، ومراجعة شاملة لمواقف مختلف الأطراف، لاسيما «الإخوة والأشقاء»، حتى يتم وضع الأسس الصحيحة للتعامل معهم مستقبلا.

وفى خضم أزمة كبرى ومصيرية، كأزمة سد النهضة التى تضغط حاليا على أعصاب المواطن المصرى، يبدو أن اللجوء إلى هذا الفرز ضرورى للغاية، لاسيما أن هناك عددا من القوى والتيارات السياسية التى تعيش بيننا على هذه الأرض، تتجاهل بشكل غريب تطورات تلك الأزمة، وكأنها لم تسمع عنها من الأساس، ولم يخطر ببالها إصدار بيان واحد يهاجم أو ينتقد الموقف والصلف والتعنت الإثيوبى غير المسبوق، وإصرار أديس أبابا على السيطرة والاستفراد بمياه النيل، وضرب عرض الحائط بالقانون الدولى وعدم الاعتراف بالحقوق التاريخية لمصر والسودان فى النهر.

هذه القوى مثل جماعة الإخوان وبعض الرموز الليبرالية وعدد من التيارات اليسارية، تناست عن عمد مقصود وفاضح، إدانة الطمع الإثيوبى فى مياه النيل، أو الإعلان عن الوقوف صفا واحدا مع الدولة المصرية فى معركة التفاوض التى تخوضها من أجل التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم يحمى حقوقنا المشروعة فى المياه، أو مساندتها حال وصلت الأزمة إلى طريق مسدود وانتقلت لساحات القتال ــ مثلما فعل السياسى البارز حمدين صباحى ــ وذلك على الرغم من أنها لا تتوانى دائما عن الإعلان أنها تتقدم صفوف المعارضة من أجل مصلحة المواطن، وضمان حصوله على حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أنها لا تتردد فى اصدار بيانات التنديد، حال وقوع أى حدث ترى فيها فرصة لانتقاد أداء الحكومة والسلطة فى البلاد!!

لا يمكن تفسير هذا الصمت أو«الصيام» غير المبرر فى قضية بهذا الحجم، سوى أنه نوع من العمى السياسى الذى جعل تلك القوى غير قادرة على التفرقة بين كراهيتها للنظام القائم، وبين ضرورة الوقوف مع الدولة المصرية فى الدفاع عن حقوق شعبها فى مياه النيل.

وللأسف فإن بعض المنتمين إلى تلك القوى، يعتبرون هذا التحدى المصيرى الذى يواجه بلادنا، فرصة مواتية للانتقام والثأر من الشعب المصرى، بل أن بعضهم ممن ينتمون للجماعة، يكتب صراحة ومن دون خجل على وسائل التواصل الاجتماعى، أن«سد النهضة هو العقوبة الإلهية لتخلى الشعب عن حكم الإخوان، والجميع سينال العقاب، ولن يصلح أمر مصر حتى ترد المظالم لأهلها، ويعاقب كل من ساهم فى إزاحة نظام الإخوان ولو بشق كلمة.. ولو بالصمت».

أما على مستوى الأشقاء العرب، فبعضهم هرع لمساندة مصر قلبا وقالبا، وقدم مثالا حقيقيا للتضامن العربى، لكن البعض الآخر للأسف الشديد، لم يكتف بالامتناع عن دعم موقفنا فى أزمة السد، لكنه لايزال يمارس دورا خطيرا فى هذه القضية المصيرية لأكثر من ١٠٠ مليون مصرى، ويمد حبال الود سياسيا واستثماريا مع إثيوبيا، غير عابئين بما يمكن أن يتسبب ذلك فى زعزعة الاستقرار بالمنطقة.

حصار وخنق مصر مائيا لن يكون فى صالح العالم العربى، وعلى هؤلاء الأشقاء الذين يحاولون تبنى المواقف الإثيوبية الكاذبة، أو العمل على تفتيت وإفشال التحالف المصرى السودانى، التوقف عن هذا المسعى، لأن التاريخ لن يرحم أحدا.

يجب أن يقتنع ويثق الجميع فى أن هذه الأزمة، ستنتهى على نتيجة واحدة، وهى أن مياة مصر لن تنقص كوبا واحدا، سواء من خلال التفاوض أو عن طريق الحرب، ووقتها سيكون للشعب المصرى، وقفة حازمة مع «الإخوة والأشقاء» الذين اختاروا الامتناع عن تقديم الدعم والمساندة، أو من ارتموا فى حضن إسرائيل التى يعرف الجميع أنها تلعب دورا خطيرا فى دفع إثيوبيا إلى التعنت فى المفاوضات والافتئات على مصالح وحقوق المصريين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved