بعد الهجوم على سفينة سافيز الإيرانية.. كيف تعزز إسرائيل قدراتها أمام إيران فى البحر الأحمر؟

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الجمعة 16 أبريل 2021 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة The Times of Israel مقالا للكاتب لازار بيرمان، تناول فيه الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران فى البحر الأحمر وخليج عمان، ذاكرا كيف يمكن لإسرائيل تفادى أى هجوم إيرانى كانتقام لاستهداف سافيز... نعرض منه ما يلى:

فى أوائل شهر مارس، بعد أن تعرضت سفينة مملوكة لإسرائيل لأضرار بسبب الألغام فى خليج عمان، كتبت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن «إسرائيل يمكن أن ترسل رسالتها الخاصة من خلال استهداف سفينة إيرانية فى البحر الأحمر، مثل سافيز». ويوم الثلاثاء قبل الماضى، فعلت إسرائيل ذلك بالضبط، حيث هاجمت تلك السفينة الإيرانية بألغام خاصة بها.

سافيز كانت الهدف المثالى. فوفقا لتقارير هى بمثابة قاعدة بحرية تستخدم فى نقل أسلحة لفيلق الحرس الثورى الإسلامى. لكن بفعل ذلك، خاطرت إسرائيل بالدخول فى معركة تنطوى على إثارة غضب إدارة أمريكية عازمة على استئناف المحادثات النووية مع إيران، وهى مفاوضات يمكن إفشالها إذا اشتد الصراع بين إيران وخصومها الإقليميين.

سافيز، الراسية فى المياه الدولية على بعد أميال قليلة من مضيق باب المندب فى الطرف الجنوبى للبحر الأحمر منذ عام 2017، كانت قريبة نسبيا من إسرائيل. وبناء عليه، كانت اختيارا مناسبا كهدف.

السفينة وضعت فى البداية تحت عقوبات من قبل الحكومة الأمريكية، ولكن تمت إزالتها من قائمة السفن الخاضعة للعقوبات فى 16 يناير 2016، وهو يوم دخول خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA حيز التنفيذ. لكن فى إبريل 2020، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن سافيز عادت إلى قائمة العقوبات.

لفتت سفينة سافيز انتباه الجميع فى عام 2017، عندما أصدر التحالف العربى بقيادة السعودية ــ الذى يقاتل المتمردين الحوثيين فى اليمن ــ ملفا يظهر أفرادا يرتدون الزى العسكرى على متن السفينة وكانت تبدو كأنها سفينة مدنية. واتهم المتحدث باسم التحالف العقيد تركى المالكى سافيز بدعم هجمات الحوثيين البحرية. 

بناء على موقعها، يمكن لسافيز أن تراقب عن كثب السفن ــ بما فى ذلك السفن الإسرائيلية ــ التى تبحر عبر ممر الشحن الرئيسى، وهى أيضا فى وضع جيد للعب دور داعم فى الهجمات على الناقلات.

المنطقة الرمادية

يعد الهجوم على سافيز هو أحدث صراع محتدم فى المنطقة الرمادية بين إسرائيل وإيران.

بداية، تعرف «المنطقة الرمادية» بأنها حالة ما بين الحرب والسلام، وتتحول فى بعض الأحيان إلى حرب دون استخدام أسلحة، حيث تقوم الجهات الفاعلة ــ من أجل تعزيز مصالح الأمن على حساب المنافس ــ بأنشطة كجمع المعلومات دون الحاجة إلى نشاط عسكرى مُكثف أو مُستدام.

يعتقد الخبراء أن نهج المنطقة الرمادية هو عنصر أساسى فى استراتيجية الأمن القومى لإيران. فهذه الأنواع من العمليات توفر مزايا ومستوى أمان لا يوفره القتال عالى المواجهة.

جزء من هذا النهج تمثل فى إرسال قوات حليفة إلى هضبة الجولان السورية لإقامة بنية تحتية لشن هجمات على أهداف إسرائيلية. تعمل إيران أيضا على تسليح جماعة حزب الله الإرهابية التى تعمل بالوكالة بقدرات صاروخية دقيقة، وشحن الأسلحة عبر سوريا إلى لبنان.

أما عن استخدام المنطقة الرمادية من جانب إسرائيل، فذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة متجهة إلى سوريا فى أواخر 2019، معظمها تنقل النفط الإيرانى، بألغام وأسلحة أخرى. وكرد انتقامى، ورد أن إيران قصفت سفينتين مملوكتين لإسرائيل فى مارس الماضى، وكلاهما فى خليج عمان.

على أية حال، الردع ليس هدفا سهلا لتحقيقه فى منطقة خليج عمان. فعلى الرغم من أن إسرائيل لا تمتلك القدرة الكافية لإبراز قوتها هناك، إلا أن إيران استثمرت بكثافة فى متابعة الهيمنة على المنطقة، والتى تشمل مضيق هرمز، وهو ممر ملاحى لا يقل أهمية عن باب المندب.

وبناء عليه، لا يمكن لإسرائيل أن تضع جنودها على متن سفن مدنية إسرائيلية فى الخليج العربى، حيث يمكن أن يتم أسرهم من قبل إيران بسهولة. لذلك، أكثر السبل المناسبة لإسرائيل هو السعى للحصول على نوع من الضمانات الأمنية من قبل الولايات المتحدة ودول الخليج العربى لحماية الشحن الإسرائيلى. وبالفعل جاء قرار البنتاجون فى يناير الماضى بضم إسرائيل إلى قيادتها المركزية مما سيسهل على إسرائيل العمل بشكل وثيق مع الأسطول الخامس الأمريكى وشركائها العرب فى الخليج العربى.

لكن ميزان القوى بين إسرائيل وإيران فى البحر الأحمر، حيث رست السفينة سافيز، هو أكثر من ذلك بكثير. فالبحر الأحمر منطقة يصعب على أى سفينة بحرية العمل فيها. ممراته البحرية الضيقة تعنى أن السفن تبحر بالقرب من بعضها البعض وبالقرب من ساحل دول مثل مصر والسودان وإريتريا واليمن مما يسهل على الحكومات والجماعات الحوثية تتبع السفن المبحرة عبر البحر الأحمر.

لذلك يعتقد البعض أنه فى ظل التهديد الإيرانى والعلاقات التجارية المزدهرة مع دول الخليج ــ بعد توقيع اتفاقات إبراهام ــ يجب على إسرائيل تحسين قدراتها فى البحر الأحمر ونقل مركز نشاطها إليه بدلا من البحر الأبيض المتوسط. وهذا سيستلزم بالطبع حصول إسرائيل على إذن من مصر فى كل مرة تريد فيها نقل السفن من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر عن طريق قناة السويس.

إجمالا، فى نفس اليوم الذى تم فيه تنفيذ الهجوم على سافيز، أجرى مفاوضو الدول الكبرى والإيرانيون محادثات غير مباشرة فى فيينا للبحث فى مسألة العودة إلى الاتفاق النووى الإيرانى المبرم عام 2015.

وأشارت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن إسرائيل حددت توقيت عمليتها بالتزامن مع محادثات فيينا، ربما كرسالة إلى واشنطن أو شركائها العرب بأنها ستواصل العمل ضد التهديدات الإيرانية. لكن تم دحض هذا الادعاء على أساس أن مثل هذه العملية تستغرق أسبوعين أو ثلاثة أسابيع للتحضير، ولم يكن يعرف أحد بموعد المحادثات. 

ومع ذلك، فإن خصم إسرائيل ليس فى واشنطن، ولكن فى طهران، وإذا أرادت ردع إيران والشعور بالأمان فى الإبحار عبر الشرق الأوسط فهى تحتاج إلى إيجاد طريقة للعمل مع إدارة بايدن.

لكن يبدو أن إسرائيل لا تتراجع. ففى صباح الأحد الماضى، وردت أنباء عن هجوم غامض آخر، وهذه المرة كان هجوما على محطة نطنز النووية الإيرانية.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved