عندما هتف سيادته: «سعودية»!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 16 يونيو 2017 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

مشاهد كثيرة مخجلة لن تنساها الذاكرة الوطنية إلى الأبد، جراء ما حدث خلال الأسبوع الماضى فى مجلس النواب، أثناء التمرير السريع والمريب والمثير لعلامات استفهام لا حصر لها، لاتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية، التى تضمنت تسليم جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة، حيث ولأول مرة فى تاريخ البلاد يتم التفريط والتنازل عن أرض مصرية للغير بدون وجه حق.
أولى المشاهد المخجلة والمؤلمة جدا، قيام أحد نواب البرلمان بالهتاف فى حماس بالغ للغاية «سعودية سعودية»، ردا على هتاف «مصرية مصرية» المدوى الذى أطلقه نواب تكتل 25 ــ 30، تعبيرا عن تمسكهم بهذه الأرض ورفضهم التفريط فيها ومعارضتهم مناقشة البرلمان لهذه القضية، خصوصا وأن هناك حكما قضائيا باتا ونهائيا بمصريتهما.. سيادة النائب المحترم، لم يكتف بذلك بل أشار بيديه إشارات توحى بأن من يتمسك بمصرية الجزيرتين، يتلقى أموالا ليتخذ هذا الموقف.. بئس هتاف النائب وإشاراته!!.
المشهد الثانى الذى كان مخجلا للغاية، طريقة إدارة الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب للجلسات، حيث اتصفت بعصبية بالغة وتوتر فى غير محله وضيق بالرأى الآخر فى هذه القضية، والتعامل مع من يتمسك بمصرية الجزيرتين وكأنه «شيطان رجيم» جاء لكى «يخرب الجلسة».
ليس هذا فقط بل إن رئيس السلطة التشريعية القادم من خلفية قانونية، لم يعط التقدير الكافى لأحكام القضاء بشأن «تيران وصنافير»، حيث قال من فوق المنصة وعلى الملأ إن: «الأحكام القضائية فى هذه القضية لا تخص إلا القضاء، وأى حكم صدر هو والعدم سواء، ومجلس النواب مستقل ولا حجية لحكم مع مجلس النواب». بئس التصريح الذى لا يرى حجية لأحكام القضاء، والذى يتناقض تماما مع موقف الرئيس السيسى شخصيا، والذى عبر عنه فى تصريحات لإذاعة شبكة «إيه آر دى» الألمانية الإعلامية، وقال: «دولتنا دولة قانون والقضاء له الكلمة النهائية، ولا أحد فوق القانون، حتى رئيس الدولة».
المشهد الثالث بكاء الدكتورة هايدى فاروق، الخبير فى مجال ترسيم الحدود البحرية، وانسحابها من اجتماع اللجنة التشريعية بمجلس النواب، بعد تشكيك أحد النواب ــ المعروف عنه ممارسة السب والقذف مع الجميع بلا خوف من معاقبة أو حساب ــ فى شخصيتها وجنسيتها، إثر تأكيدها على وجود صناديق من المستندات والوثائق التى تثبت بما لا يدع مجالا للشك مصرية «تيران وصنافير».
أيضا يضاف إلى جملة المشاهد المخجلة والمؤلمة فى هذه القضية، افتقار الحكومة للحجة والمنطق والدليل الذى يخاطب العقل فى محاولة إثبات نسب الجزيرتين للسعودية، حيث قالت فى تقريرها الذى قدمته إلى البرلمان، وردا على سؤال حول ملكية الجزيرتين قبل تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1932، إن «الجزيرتين فى الأصل كانت تتبعان مملكة الحجاز التى كان يحكمها آل هاشم من قبيلة قريش».. عندما تسمع هذا الحديث، فلا تملك إلا أن تغرق فى الضحك، ولكنه ضحك كالبكاء على ما وصل إليه حال حكومة مصر، التى لا تملك حجية للدفاع عن موقفها المتخاذل فى هذه القضية، سوى هذا الكلام المرسل الذى يفتقر للأدلة والبراهين!.
المشاهد والمواقف المخجلة كثيرة، وتبرر بالفعل حالة اليأس والحزن والكآبة، التى انتابت أغلبية الشعب بعد تمرير الاتفاقية، التى كانت بمثابة يوم أسود فى تاريخ مصر الحديث، ونكسة ثانية أشد قسوة من نكسة 67. الرهان الآن على وعى واستيقاظ الشعب، وخروجه سريعا من حالة اليأس والإحباط التى أصابته، حتى نحافظ على حدودنا ونسلمها إلى الأجيال القادمة كاملة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved