بلد إشاعات!

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الخميس 16 يوليه 2009 - 9:46 م بتوقيت القاهرة

 انتشرت خلال الأيام الماضية شائعات ساخنة فى صحف إسرائيلية وأمريكية، حول صراع على الحكم سوف ينشب قريبا فى مصر، بزعم أن الرئيس مبارك يعتزم التنحى عن السلطة خلال الأشهر المقبلة.. كما ذهبت بعض مواقع تنتمى لأقباط فى المهجر إلى تأليف حكايات خيالية حول «انقلاب داخل القصر»، وكلها لا تستند إلى مصادر أو إلى وقائع حقيقية..!

ولكن بحسب الكاتبة الأمريكية هيلينا كوبان، كما جاء فى موقع «المصريون»، فإن الصراع على السلطة سيكون بين جمال مبارك واللواء عمر سليمان مدير المخابرات، فى نفس الوقت الذى ذكرت فيه الكاتبة أن الضربات الأمنية الموجهة إلى قيادات الإخوان المسلمين فى الآونة الأخيرة تستهدف تهيئة الأوضاع وإضعاف الخصوم لتمرير مشروع التوريث..

ورغم النكهة الحارة فى هذه الحكايات التى يكتنفها الغموض، فإنها تتعارض مع بعضها البعض بصورة واضحة.. فاللواء سليمان هو أكثر رجال السلطة قربا من الرئيس مبارك، وثقة الرئيس به بلا حدود، بدليل حساسية وأهمية الملفات التى أوكلها إليه، كما أنه من غير المعقول أن يترك مبارك الباب مفتوحا أمام اندلاع صراع شرس بين أقرب مساعديه إليه وبين ابنه، فى حين أنه يستطيع أن يحسم هذا الملف تماما بإبعاد أحد الرجلين إما اللواء سليمان، أو ابنه جمال.. وقد يكون الرئيس يشعر باطمئنان تام إلى أن الصراع بينهما مجرد وهم أو خرافة سياسية..!

وفى الوقت نفسه، جاء النفى القاطع للرئيس مبارك للشائعات التى راجت خلال الأسابيع الماضية، حول حل مجلس الشعب، ليؤكد أن الحملات الأمنية ضد قيادات إخوانية لا تستهدف الإطاحة بالجماعة خارج المؤسسات السياسية، أو على الأقل ليثبت أن الرئيس لا يبارك تمرير سيناريو التوريث على جثة الإخوان..!

ورغم ذلك، فيبدوأن هناك حرصا مبالغا فيه من القيادة السياسية على إضفاء جو من الغموض على مستقبل الحكم فى مصر، دون أن يدرى أحد ما المصلحة القومية التى يستهدفها هذا الغموض المقصود.. سوى أنه يفتح باب الشائعات على مصراعيه فى هذا الملف الخطير؟!

وقد يكون أمام الرئيس مبارك عدة سيناريوهات لتسليم السلطة للرئيس المقبل أيا كانت شخصيته يفضل الرئيس أن يتركها تنضج معا على نار هادئة.. ولكن وجود أجنحة برؤى سياسية مختلفة وبمصالح اقتصادية متضاربة داخل النخبة السياسية الحاكمة فى مصر، قد يشعل صراعات دامية على السلطة بين شخصيات أخرى لم تطرح الصحف أسماءها، فى وقت تواجه فيه هذه النخبة بالفعل صعوبات شديدة فى إدارة دفة الحكم وسط هذا الكم الهائل من الإحباطات التى يواجهها معظم فئات الشعب المصرى، وفى مواجهة أزمات اقتصادية طاحنة لا تبدو فى الأفق بادرة حلول قريبة لها..!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved