ضرورة الإفراج عن السجناء كبار السن والمرضى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 16 أغسطس 2015 - 4:51 م بتوقيت القاهرة

تخيلوا لو ان هناك جاسوسا إسرائيليا يعمل لحساب الموساد الصهيونى، وتم ضبطه فى ميدان التحرير يقوم ببث معلومات حساسة لمقر جهازه فى تل أبيب.

فى اللحظة التى يتم ضبط هذا الجاسوس، يصبح محتما على أجهزة الأمن ومؤسسات العدالة المختلفة ان تعامله بكل ما ينص عليه القانون ولوائح السجون من توفير كل مقومات الحياة، والمعاملة الحسنة، واحترام حقوقه كمتهم ثم سجين.

إذا كان ذلك هو ما ينبغى أن نوفره للجاسوس الصهيونى أو حتى الإرهابى،فما بالكم بالمواطن المصرى البسيط الذى يدخل السجن فى "جنحة سرقة فرخة أو منشر غسيل"، أو حتى أى سجين شاء حظه العاثر ان يدخل السجن فى هذه الأيام؟!.

لا أتحدث عن أى سجين سياسى وآخرجنائي، محبوس احتياطيا أو دائما، محكوم عليه بستة شهور أو بالإعدام، نحن نتحدث عن كل السجناء فى كل الأوقات.

قبل شهور طويلة و"فى عز البرد "كنت أتحدث مع مسئول كبير جدا فى وزارة الداخلية على هامش أحد اللقاءات الرئيسية،وكان يقف معى أيضا زميل رئيس تحرير صحيفة كبرى، وإعلامى بارز،يومها وخلال الحديث،قال المسئول الأمنى اننا صرنا نواجه تكدسا كبيرا فى السجون، وانهم يبحثون عن حل لهذه الأزمة، عبر بناء سجون جديدة .بطبيعة الحال نتمني ألا يكون هناك سجناء أبدا، لكن ذلك ضد المنطق والطبيعة الإنسانية.

الآن صرنا جميعا نتحدث عن ظروف السجن، ليس فقط بسبب بعض أنواع المعاملة الصعبة والقاسية، لكن وبسبب موجة الحر غير المسبوقة.يجلس بعضنا فى بيته، وإذا تعطل جهاز التكييف وصار يعتمد فقط على «المروحة» يشعر ،ان الحياة لا تطاق، وفى هذه اللحظات ينبغى علينا أن نتذكر ان هناك آلافا يقبعون داخل السجون فى ظروف كارثية على الأقل بسبب الحر.

إذا كان بعضنا لا يطيق السير فى الشارع ظهرا أو وسط الزحام او داخل المترو والقطار،أو حتى من دون تكييف، فكيف يكون شعور وحال السجين الذى ينام واقفا او جالسا،ولا يجد أكثر من مساحة جسمه فقط داخل زنزانة، الله وحده يعلم كيف يتحملها؟!.

في ظل ظروف التكدس و"الطقس الجهنمي "، نقترح على وزارة الداخلية والحكومة ورئاسة الجمهورية ،اقتراحا قد يكون له تأثير كبير فى هذه الأجواء غير الإنسانية .الاقتراح هو ان تبادر الحكومة إلى اجراء مراجعة لكل المقبوض عليهم وتطلق سراح كل من يثبت براءته كما وعد رئيس الجمهورية من قبل،وبالتوازي إطلاق سراح كل المساجين كبار السن جدا أو الذين يعانون امراضا خطيرة.

لكن لا ينبغى ان يكون ذلك قاصرا على المساجين الإخوان أو السلفيين أو الجنائيين أو أى مسجون من أى نوع،بل ينبغى أن يكون شاملا لكل كبار السن والمرضى.

قد يقول قائل ان مثل هذه الخطوة متهورة ،وقد تمثل خطرا داهما على الأمن القومى، وفى هذه الحالة نقول انه يحق لأجهزة الأمن ان تستبعد مثل هذه الحالات،وهناك اقتراح آخر ان يتم وضع بعض هذه الحالات التى يخشى من إطلاق سراحها تحت الإقامة الجبرية المشددة.

لا أزعم اننى أول من يطالب بذلك فهناك كتاب وسياسيون فعلوا ذلك مشكورين فى الأيام الأخيرة.

أرجو أن تدرس الجهات المختصة فوائد مثل هذا الاقتراع الذى هو خطوة إنسانية هائلة، وله ميزة مهمة انه يجعل الحكومة ترد على كل من يشكك فى إنسانيتها، ثم انه يعفى أجهزة وزارة الداخلية ،وبالتالى الحكومة من تهمة المشاركة فى قتل بعض المرضى أو مفاقمة أمراضهم بسبب هذا الطقس غير المسبوق فى حرارته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved