مؤامرة برلمانية لإسقاط الدولة

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 16 أغسطس 2017 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

بات واضحا أن قرارا تم اتخاذه فى مكان ما ومن جانب أشخاص ما لا نعلمهم، الله يعلمهم، بتعديل الدستور لزيادة عدد سنوات فترة الرئاسة إلى 6 سنوات. وما دامت التعليمات قد صدرت، فالبرلمان جاهز تماما لتنفيذها وتحويلها إلى نصوص حاكمة، كما فعل فى اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير عندما مررها فى ساعات محدودة رغم كل الوعود بمناقشة الاتفاقية مناقشة مستفيضة واستعراض كل الآراء ودراسة كل الوثائق قبل التصويت عليها.

الآن نرى أقطاب البرلمان يندفعون للحديث عن ضرورة تعديل الدستور لزيادة مدة الرئاسة من أجل المحافظة على استقرار البلاد، وتقليص صلاحيات البرلمان لصالح الرئيس دعما لجهود التنمية. وهذا ليس مستغربا، فالبرلمان الذى يقر اتفاقا بالتخلى عن الأرض خلال ساعات مستعد للتخلى عن صلاحياته التى منحها له الدستور خلال دقائق.

والحقيقة أن المروجين لفكرة تعديل الدستور ليس لديهم أى منطق ولا مبرر لذلك يقولون كلاما من نوعية أن الدستور الذى يوضع فى أوقات الاضطراب لا يصلح للدولة فى مرحلة الاستقرار، مع أن كل الدساتير فى الدنيا توضع فى أعقاب فترات التحول والاضطراب بدءا من الدستور الأمريكى الذى وضع فى أعقاب الثورة على الاحتلال البريطانى وصولا إلى دستور تيمور الشرقية بعد انفصالها عن إندونيسيا. 

كما أن مصر التى وضعت دستورها وهى غير مستقرة، هى الآن أشد اضطرابا بشهادة الحكومة والبرلمان، والدليل أننا نعيش فى ظل حالة الطوارئ التى أعلنتها الحكومة وأقرها البرلمان، وهو ما يعنى أنه لا مبرر للتفكير فى تعديل الدستور.
ثم يأتى آخر فيقول إن تمديد فترة الرئاسة توفر على الدولة مليارى جنيه سيتم إنفاقها على الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع أن الاستفتاء الشعبى على التعديلات المشئومة سيتكلف نفس المبلغ.

وبعيدا عن هذا الهزل والعبث، نقول إن تعديل الدستور فى الوقت الراهن لزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية وتمديد فترة حكمه سيفتح الباب واسعا أمام إسقاط الدولة المصرية وتجريد الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظامه من أهم أسلحته فى مواجهة الغضب الشعبى من تدهور الأوضاع الاقتصادية وأهم ورقة لإقناع الشعب بعدم النزول إلى الشارع مرة أخرى بحثا عن التغيير وهى القول إن الشعب يستطيع تغيير الرئيس عبر صندوق الانتخابات بعد أقل من عام إذا لم يكن راضيا عن أدائه، أما إذا أصبحت فترة الرئاسة 6 سنوات، فقد يفكر قطاع من الغاضبين والمتضررين من السياسات الحالية الفاشلة إلى البحث عن سبل أخرى للتغيير، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام «إسقاط الدولة».

أما الذين يقولون إن الدساتير ليست مقدسة وأن تعديلها بعد اختبار نصوصها على أرض الواقع أمر واجب، فإنهم كعادتهم يقولون كلمة حق يراد بها باطل، فالدستور الحالى لم يختبر ولم تظهر عيوب نصوصه المطروحة للتعديل، فلا الرئيس طلب إقالة وزير والبرلمان رفض، ولا الحكومة طلبت تمديد حالة الطوارئ والبرلمان اعترض، ولا اكتشفنا أن 4 سنوات أو حتى 8 سنوات لم تكن كافية لكى يستكمل الرئيس إنجازاته خاصة وأنه يؤكد باستمرار أن حكومته تنجز فى سنة ما يحتاج إلى 3 سنوات على الأقل، وهو ما يعنى أن الرئيس لا يحتاج إلا أكثر من 8 سنوات لكى يحقق من الإنجازات ما يحتاج إلى 24 سنة، وبالتالى لا مبرر لزيادة سنوات حكمه حتى نترك لخليفته من يمكن إنجازه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved