عدل السماء

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 16 أغسطس 2019 - 10:25 م بتوقيت القاهرة

انتبه من اليوتيوب مع الحذر، ففد شاهدت فيلم «عدل السماء» كاملا منذ أسبوعين، وتركت المسودة، المكتوبة حيث استهوتنى مشاهدة فيلم «الورشة» والكتابة عنه أولا، وحينما أردت مراجعة الكتابة عن «عدل السماء» اكتشفت أنه لم يعد موجودا وهناك إشارة إلى قرب نزوله كاملا، لذا فالنصيحة أنه إذا أعجبك فيلما ما شاهده أولا كاملا.

هناك عدة مداخل للحديث عن فيلم «عدل السماء» إخراج أحمد كامل مرسى عام 1948، أهمها بالنسبة لى التعرف على بطلة الفيلم فردوس حسن التى كانت تتمتع بجمال ملحوظ ورومانسية وذات جاذبية خاصة، كما أن الصور المنشورة لها تعطينا الإيحاء أنها امرأة قوية الشخصية بشكل ملحوظ ومع ذلك فإن المشاهدين فى جميع الأجبال التالية لا يعرفونها، ومن بين اهتماماتى متابعة أفلامها، أما المدخل الثانى فإن المشهد الأول من الفيلم يؤكد أن أحمد كامل مرسى هو أول مخرج مصرى يظهر فى مشهد عابر من الفيلم، وهو هنا فى القطار يدخن الغليون، وقد سبق فى ذلك الكثير من المخرجين أشهرهم حسن الإمام، أما المدخل الثالث فهو الثنائى شادية ــ كمال الشناوى الذى تقابل للمرة الأولى فى الفيلم الأول لشادية «العقل فى أجازة»، وكونا ثنائيا عملا فى ثلاثين فيلما بالتقريب، وفى «عدل السماء» كان ترتيب الاسماء فى المقام الأول لحسين رياض، وفردوس حسن ومحمود المليجى، وبعد عنوان الفيلم ينزل اسم كل من الثنائى شادية ــ كمال الشناوى اللذين ظلا يعملان بدون توقف حتى عام 1974

أحمد كامل مرسى مخرج له ثقافته الموسوعية، وتنتمى افلامه كلها إلى ما يسمى بالفيلم العائلى، حيث تدور الأحداث دوما فى نطاق العائلات، وعلاقات أفرادها ببعضهم البعض، وكان يميل دوما إلى الاستعانة بحسين رياض ليقوم بدور الأب، وهو هنا محمود المتزوج ولديه زوجة جميلة مخلصة وابن وابنة، وهو شخص أمين فى عمله، يحترمه صاحب الشركة ويأتمنه على العهدة، وفى المقابل فإن زميله فى المكتب رجل يلعب الميسر، ويمارس الموبقات ويميل إلى الاستدانة خاصة من الموظف الشريف، وفى ليلة عيد ميلاد الابن مصطفى يضطر الأب للسفر، وينتهز الزميل الموقف لسرقة اموال الشركة، وتحدث جريمة قتل اسماعيل بيه، ويجد محمود نفسه متهما بجريمة قتل، ويساق إلى السجن، وهنا يبدأ دور فتحية الزوجة التى عليها أن تحمل المسئولية العسيرة أثناء غياب زوجها لسنوات.

إنه الموضوع المحبب الذى أحب المخرجون تقديمه ومنهم حسن الامام وابراهيم عمارة، ولاشك أننا سوف نجد تماسا بين هذا الفيلم وبين أغلب افلام حسن الامام، خاصة «غضب الوالدين»، و«بائعة الخبز» حيث سنرى الجيل الثانى يدفع الثمن، وهو الجيل الدى يمثله الثنائى شادية ــ كمال الشناوي.

هذا الفيلم يحتسب بالطبع لما يمكن تسميته بسينما المرأة حتى قبل تصنيف هذا النوع من الأفلام بسنوات طويلة، ففى السنوات التى كانت نساء الكباريهات، والملاهى الليلية هن البطلات البارزات، فإن المرأة فى الفيلم تحمل مسئولية أولادها وأسرتها بمجرد اختفاء زوجها وراء جدران السجون فى جريمة قتل لم يرتكبها، ولن تقدم أى تنازلات رغم جمالها، ولم تدخل أى رجل حياتها، إلى أن فوجئت بخروج الزوج من السجن، ويدخل هذا بقوة ى اطار الفيلم النسائى.. كم من امرأة صارت هى الام والأب معا فى حياتها الاجتماعية.

وبالعودة إلى فردوس حسن، الجميلة فهذا هو فيلمها الأخير، وليس فيلم «جنون الحب» كما هو مذكور فى موسوعة الويكيبيديا، وهى التى عاشت بين عامى 1905و1995، أى انها عاشت بعيدا عن الاضواء قرابة نصف قرن، ورغم أفلامها القليلة فإن المؤرخين يقولون إنها المرأة رقم 2 التى حصلت فى تاريخ السينما المصرية على البطولة النسائية، بعد عزيزة أمير، هى بطلة فيلم «سعاد الغجرية» لجاك شوتز 1928، وهى ممثلة مسرح من الطراز الأول لها قيمة مقاربة لمكانة فاطمة رشدى، وقد كانت تتقن اللغة الفرنسية، ما جعلها مبدعة، وقريبة من الثقافة العالمية، وكم نحن فى حاجة إلى مثيلتها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved